الأحد، 13 أبريل 2014

الطريقة الشاذلية

بدأ المؤلف ببيان خطر بدع الصوفية على المسلمين، وتطرق بعدها لخطر الطريقة الشاذلية خاصة، لأنها كما وصفها: (في حالة بعث جديد، تقوم عليه مراكز تعليمية، تسعى إلى نشر هذه الطريقة وطباعة كل كتبها القديمة والحديثة)، وأشار إلى أن هذه الطريقة تحتاج للرد عليها خصوصًا، إذ أنها مختلفة عن باقي الطرق الصوفية من حيث انتشارها في البلاد الإسلامية، ويعد أتباعها بالملايين، وكذلك محاولتهم لخداع العوام بما أشاعوه من أن طريقتهم تختلف عن الطرق الأخرى التي ذمها السلف ويزعمون أنها طريقة سالمة من كل شائبة.
ويرى المؤلف أن أهمية الموضوع تكمن في عدد من النقاط:
1- انتشار الطريقة الشاذلية في العالم الإسلامي حيث يعد أتباعها بالملايين، ولها خمس عشرة طريقة متفرعة عنها، كما أنها تنتشر في أكثر من ست دول.
2- حماس أتباع هذه الطريقة في نشر طريقتهم في العصر الحديث، حيث يمتلكون جمعية رسمية، ومجلة تصدر كل ثلاثة أشهر، وموقعًا على شبكة الإنترنت، وعددًا من الكتب والنشريات.
3- زعمهم بأنها سلفية، تتبع الكتاب والسنة وأنها سالمة من البدع العقدية.
4- الاهتمام البالغ بكتبهم ونشرها في شتى بقاع المعمورة، ومن هذه الكتب (الحكم العطائية) لابن عطاء الله السكندري، وقد جاوزت شروحه الأربعة وعشرين شرحًا.
5- كثرة المؤلفات التي كتبت في نصرة الطريقة الشاذلية والثناء على أعلامها.
6- اهتمام الخاصة والعامة في البلاد التي انتشرت فيها الطريقة بالأوراد والأحزاب الشاذلية التي قالها الشاذلي.
كل هذه المسوغات دفعت الكاتب لتناول الموضوع ناشرًا عقيدة السلف ومحذرًا من خطورة التصوف المتمثل في هذا البحث في الطريقة الشاذلية، كما أنه لاحظ أن الكتابات التي لها صلة بالموضوع إما كتابات عن عقائد الصوفية عمومًا دون دخول في تفاصيل كل طريقة وما تميزت به، أو كتابات من أتباع هذه الطريقة التي اجتهدوا في كتاباتهم في الثناء عليها وعلى أعلامها.
وتبع المؤلف المنهج الاستقرائي في جمع المادة العلمية من خلال كتب كبار الشاذلية قديمًا وحديثًا، واعتمد منهج التحليل النقدي عند مناقشة الأدلة، وطرائق الاستدلال، والرد على المخالفين، وذكر أدلة قول أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة، وذكر كلام أئمة السلف.
ويقع الكتاب في تمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة:
أما ( التمهيد ) فجاء بعنوان نبذة عن نشأة الطرق الصوفية، فعرَّف فيه علم التصوف واشتقاقاته وأسباب نشأته وانتشاره، باعتباره متقدمًا على (مصطلح الطريقة)، وبعدها تناول مفهوم الطريقة وبداية نشأتها.
وخلص فيه إلى أن التصوف بدأ في أواخر القرن الثاني الهجري كمسمى لعلم وطائفة تتبعه يقال لهم الصوفية، وظهر بعد ذلك مصطلح الطريقة في القرن الثالث والرابع الهجريين، وكان في البداية يرادف مصطلح التصوف، ثم تميز صاحب كل طريقة بمصطلحات خاصة ورموز معينة لا يفهما أحد إلا بالتلقي عنهم، فتكونت بذلك الطرق الصوفية في نهاية القرن الثالث الهجري.
وبعدها أفرد ( الباب الأول  ) بالحديث عن مؤسس الطريقة الشاذلية وطريقته، وتناول ذلك في ثلاثة فصول:
الفصل الأول بعنوان: التعريف بأبي الحسن الشاذلي وعصره:
فبدأ بالحديث عن عصره، وعن ملامح الحياة السياسية في عصره، حيث شهد عصره هجمات على الدول الإسلامية سواء من الداخل أو من الخارج، وانعكس هذا الاضطراب في الحياة السياسية على الحياة الاجتماعية، أما الحياة الدينية والثقافية، فقد برزت الناحية العلمية في شتى التخصصات، وساعد العلماء في ذلك اهتمام الحكام وتشجيعهم لهم، ومع هذا البروز في النواحي العلمية إلا أنه كانت هناك بدع تنتشر في البلاد الإسلامية سواء بقوة السلطان أو بتلبيس من العلماء والزهاد.
 وبعد ذلك تناول د.خالد العتيبي حياة الشاذلي حيث بين نشأته والعلوم التي اهتم بها، وجولاته عبر البلدان، كما تعرض لمرحلة التدريس، ومنهجه مع تلاميذه وتربيتهم، الذي جعلهم يغالون فيه، فكانوا يتبركون بآثاره ويقسمون به ويتوسلون به، وكانوا يخافون من سخطه لزعمهم أنه يعرف الغيب ويأخذ عن الله ورسوله وبغضه سبب لرد الدعاء.
وبين المؤلف في هذا الفصل أهم شيوخه الذين تتلمذ لهم، وعرض بعض تلاميذه الذين أخذوا منه، وعرض أيضًا آثاره العلمية وعقيدته ومذهبه الفقهي واختتم الفصل الأول بوفاته.
أما الفصل الثاني فخصصه للحديث عن أتباعه:
فتحدث عن أبي العباس المرسي، وابن عطاء السكندري، وابن عجيبة، وعرض نشأتهم وطلبهم للعلم وسياحتهم ومؤلفاتهم ومكانتهم وأهم شيوخهم وتلاميذهم، وأثرهم في الطريقة، كما عرض أيضًا أتباع أبي الحسن الشاذلي في العصر الحديث فذكر منهم: علي بن أحمد المغربي اليشرطي، ويوسف النبهاني، وسلامة الراضي، ومحمد الهاشمي، ومحمد زكي إبراهيم.
واختتم الباب الأول بالحديث عن الطريقة الشاذلية وخصائصها العملية وتطورها، ووجه الشبه والاختلاف بينها وبين الفرق والأديان الأخرى، كما عرض مصنفات الطريقة الشاذلية في البلاد المصرية والشامية والمغربية، واختتم الفصل الأخير من الباب الأول بالحديث عن انتشار الطريقة وفروعها في كل بلد من البلدان.
أما ( الباب الثاني  ) فحوى فصلين وقد خصصه المؤلف للحديث عن جذور الطريقة الشاذلية:
ففي الفصل الأول عدد مصادر التلقي عندهم، فذكر ستة مصادر:
1- دعوى تمسك الشاذلية بالكتاب والسنة.
2- دعوى التلقي عن الله تعالى بلا واسطة.
3- دعوى التلقي يقظة ومنامًا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
4- دعوى التلقي عن الخضر عليه السلام.
5- دعوى التلقي عن طريق الكشف.
6- دعوى التلقي عن طريق الرؤى المنامية والحكايات.
ويعرض في كل دعوى نصوصًا لهم ثم ينقدها ويبين زيفها وبطلانها، واختتم الفصل الأول ببيان الآثار الناتجة عن تلك المصادر المنحرفة.
أما الفصل الثاني فتحدث فيه عن المسائل العقدية عند الشاذلية:
فبين عقيدتهم في توحيد الله تعالى، وعقيدتهم في الرسول صلى الله عليه وسلم، وعقيدتهم في الولاية، وعقيدتهم في الكرامة، وعقيدتهم في باب القدر، وتقسيمهم الدين لشريعة وحقيقية، وقولهم بوحدة الوجود.
وفي كل عقيدة من هذه العقائد يفصِّل في تعريفها وصورتها عند الشاذلية، وتقسيماتهم لها ويدلل على ذلك بنصوص لهم، ثم ينتقدها ويبين عورها وزيغها ويرد على شبهاتهم التي أثاروها، ويبين التصور الصحيح لها من منظور أهل السنة والجماعة، ويختتم الحديث ببيان أثر انحرافهم العقدي على المجتمع.
وخصص الدكتور خالد ( الباب الثالث ) والأخير  للحديث عن تربية النفس الإنسانية من منظور الطريقة الشاذلية، وذلك في سبعة فصول:
فبين في الفصل الأول عناية الشاذلية بالنفس الإنسانية: فعرف النفس ومراتبها وصلتها بالبدن، وتعرض لعلل النفس وبواعثها وكيفية علاجها والسعي للنفس الكاملة، ثم بين أثر التكاليف الشرعية ودور العلماء في تهذيب النفس، وفي النهاية عقد مقارنة بين نظرة الشاذلية للنفس الإنسانية، والمنهج الكامل المتمثل في منهج أهل السنة والجماعة، منتقدًا تصور الشاذلية للروح والنفس الكاملة وتقسيماتهم لمراتب النفوس.
وفي الفصل الثاني تحدث الكاتب عن مجاهدة النفس عند الشاذلية، مبينًا معناها ومنزلتها وقواعدها سواء في المنهج القديم أو الجديد في الطريقة الشاذلية، وعرض صورًا من تطبيقاتها، كما تعرض لدور الشيخ وإشرافه على المريد في المجاهدة ووظيفته وآداب المريد معه في منظورهم، واختتم الفصل بنقد مفهوم المجاهدة عند الشاذلية وبيان تصورها الصحيح عند أهل السنة والجماعة.
أما الفصل الثالث فتحدث فيه عن رياضة النفس ومفهومها ومجالاتها ثم انتقد تصورهم لها مبينًا الصورة الصحيحة عند أهل السنة والجماعة، وكان الذكر ووظائفه موضوع الفصل الرابع ، حيث تناول طريقة الذكر عند الشاذلية ومكانته ووظائفه وأنواعه واختتم الحديث عنه ببيان منزلة الذكر عن أهل السنة والجماعة وخطأ الطريقة الشاذلية.
وجاء الفصل الخامس ليتحدث عن مفهوم العزلة والخلوة والفرق بينهما والقواعد العملية والآداب التي تتبع كلًّا منهما، وبين أثرها ونتائجها، واختتم الفصل بتفنيد مفهومهم والرد على شبهاتهم.
وأفرد الفصل السادس للحديث عن آداب السلوك عند الشاذلية، وثمرتها وأساسها، ثم عدد أنواع تلك الآداب شارحًا إياها مبينًا معناها، وفي الختام انتقد طريقتهم وبين بطلانها.
واختتم الباب الثالث بالحديث عن المقامات والأحوال، فبين في الفصل السابع صلة المقامات والأحوال برياضة النفس وعدد مراتبهما وأمثلة عليهما، وفي النهاية بين أخطاء الطريقة الشاذلية فيها.
وفي كل فصل من تلك الفصول كان يأتي بأمثلة عملية ويبين نصوصًا من كتبهم، ويعدد تقسيماتهم، وفي النهاية يبين التصور الصحيح عند أهل السنة والجماعة ويرد على شبهات الطريقة الشاذلية.
وفي ( الخاتمة ) أجمل د.خالد العتيبي أهم النتائج والفوائد التي خلص منها في دراسته للطريقة الشاذلية، فبين أن نشأة الشاذلي في بيئة مليئة بالصراعات الداخلية والخارجية ساعدت على ظهور الطرق الصوفية خاصة الشاذلية، ونبه على أن الطريقة الشاذلية ليست طريقة بائدة بل لها أتباع وشيوخ في العصر الحديث يدافعون عنها وينشرونها، واستخدامهم للتقية وإخفاؤهم عقائدهم الكبرى عن العلماء والعامة جعل كثيرًا من الناس يقعون في شراكهم، كما أنهم يستخدون ألفاظًا يعلوها البهاء فإذا تأملتها ودرست حالهم وجدت كذب هذه الدعاوى.
 وبين النتائج الخطيرة المترتبة على بعدهم عن التلقي من الكتاب والسنة ومخالفتهم لمصادر التلقي الشرعية التي كان عليها السلف الصالح والصوفية المتقدمون من أهل الاتباع، وأثر ذلك على عقائدهم المنحرفة وضلالهم في أبواب الاعتقاد المتعلقة بالرسالة والولاية والكرامة والقدر، وضلالهم في دعوى وحدة الوجود، ونظرتهم الخاطئة للنفس وكيفية التعامل معها.
ويتميز الكتاب بإسلوبه السهل البسيط الواضح، وعرضه للمسألة عرضًا علميًّا يذكر فيها الأدلة التي استدلوا بها ويبين تقسيماتهم، ثم يبين زيف منهجهم، ويعرض التصور الصحيح لها عند أهل السنة والجماعة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق