الأحد، 13 أبريل 2014

التصوف بين التمكين والمواجهة

التصوف بين التمكين والمواجهة
بقلم: محمد بن عبد الله المقدي
 لقد أمسى التوافق العالمي ضد هذا الدين حقيقة واقعة لا تحمل مجالا للشك؛ سواء كان ذلك بصرف المسلمين عن دينهم جملة أو بإغراقهم في فوضى عقائدية تشريعية أداتها التشكيك في المقدسات وتفتيت الجبهات المتماسكة وذلك كله مصداقًا لآيات تترى من التنزيل الحكيم توضح كيد الزائغين يهودًا كانوا أو نصارى وأتباعهم ممن عميت بصيرتهم وخبى نور الوحي في قلوبهم.
توصيات وتقارير: ظهر جليًا أن من أهداف المخطط الأمريكي الموسوم بمشروع (الشرق الأوسط الكبير) هو محاربة التيارات الإسلامية التي تتصىدى للعدوان الأمريكي، وذلك تحت شعار (محاربة الإرهاب)!!.
خطوات متتابعة:
  • ذكر الكتاب تقرير تم نشره في مجلة (يو إس نيوز آند وورلد ريبورت) الأمريكية بعنوان (تقرير عقول وقلوب دولارات) نشر عام (2005م) ويهدف إلى استراتيجية تدعى (الوصول إلى العالم الإسلامي) وينص التقرير على أن الولايات المتحدة وحلفاءها لديهما مصلحة أمنية قومية لا فيما يحدث في العالم الإسلامي فقط وإنما فيما يحدث داخل الإسلام نفسه.
  • ونقلت المجلة الأمريكية عنهم أن واشنطن قامت بتمويل محطات إذاعية إسلامية وبرامج تلفيزيونية ونظمت (دورات تعليمية) في المدارس البحثية وورش العمل السياسية للترويج للإسلام المعتدل في أكثر من (24) دولة إسلامية على الأقل...  مع تقديم منح مالية لترميم ورعاية الأضرحة الصوفية والعناية بالمخطوطات والتراث الثقافي الصوفي.
  • السفير الأمريكي بالقاهرة يحضر مولد البدوي معلنًا إعجابه الشديد بعالم التصوف الإسلامي، لافتًا إلى ما تنطوي عليه الصوفية من تسامح، وما تجسده من قيم ومبادئ إسلامية رفيعة مثل الحق والخير والجمال.
  • السفير الأمريكي بالمغرب يحضر سهرة صوفية التي أقامها في الرباط شيخ الطريقة البوتشيشية، وقد علق بعض الدبلوماسيين الغربيين على هذه الزيارة بقوله: (إن إدارة الرئيس بوش باتت تنتهج أسلوبًا جديدًا في محاربة الإرهاب، يقوم على تشجيع واحتضان الإسلام المعتدل الذي تطلق عليه وزيرة الخارجية الأمريكية تعبيرًا بالإنجليزية إسلام لايت).
  • تركيا الصوفية ومشروع الشرق الأوسط الكبير: نشرت صحيفة (يني شفق) التركية خبرًا مفاده أن الرئيس الأمريكي (جورج بوش) عرض على رئيس الوزراء التركي (رجب طيب أردوغان) معالم المشروع الأمريكي الجديد وهو جعل تركيا عمودًا فقريًا، حيث تتولى تركيا الترويج لنموذجها الديمقراطي واعتدالها الديني.
النشاط الصوفية بعد أحداث سبتمبر:
  • يلحظ المتابع للحركة الصوفية النشاط المتسارع بعد الحادي عشر من سبتمبر بافتتاح المدارس والأكاديميات والأربطة لاستقبال المريدين والقيام بالمؤتمرات الدولية حول الصوفية والتصوف ودعم وسائل النقل الثقافي.
  • ومن هذه الأنشطة الدولية للطريقة الصوفية: (إقامة محاضرات  دولية حول ابن عربي، تأسيس الاتحاد الوطني للزوايا في الجزائر، انعقاد المؤتمر العالمي للطريقة الشاذلية، افتتاح الأكاديمية الصوفية بمصر، تشكيل الأمانة العليا للإفتاء والتدريس والتصوف بالعراق، انعقاد لقاءات سيدي شيكر العالمية بالمغرب، اهتمام استشراقي بحياة الحلاج، مجلة روز اليوسف تصدر ملفًا عن الصوفية، انعقاد مؤتمر الطرق الصوفية في أفريقيا الحاضر والمستقبل، انعقاد مؤتمر دولي حول التصوف بتلمسان، انعقاد المنتدى الدولي للسمعة الروحية، انعقاد مؤتمر دولي حول الزوايا بالمغرب، انعقاد مؤتمر التصوف في فلسطين برعاية إسرائيلية، انعقاد الملتقى الدولي للإخوان التجانيين، إنشاء المجلس الصوفي العالمي بالقاهرة، انعقاد مؤتمر رجالات الطريقة التجانية، تكريم اليونسكو لشيخ الطريقة المولوية).
  • إن هذه المؤتمرات والفعاليات المتلاحقة حول التصوف تنبئ أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن الأمة مقبلة على مد صوفي يراد إحياؤه من جديد بعد أن بدأ بالخمود، سواء أكان هذا التحرك ذاتيًا من قبل الجماعات الصوفية، أم هو بتحريك غربي عربي، فالخطر العقائدي لا يزال قائمًا.
  • إن أدوات النشاط الصوفي المعاصر يجد نفسه أمام تيار جديد، صوفي المشرب، متحضر الأدوات، واسع النظرة، يتعامل مع الواقع السياسي، ويتبنى العمل التربوي المنظم.
مجالات التحرك الصوفي:
إن تحركات دعوية صوفية مستمرة، قوامها: الشريط والكتاب والقرص الإلكتروني والبث الفضائي ومواقع الانترنت ودعاة في الأرض يتجولون في كل مكان يبشرون بدعوتهم وهم متحمسون أشد الحماسة، وللأسف الشديد قد يجدون سنة من أهل السنة، فهم يعملون من خلال:
  1. الأربطة والزوايا: إعادة الاهتمام بالطرق الصوفية والزيارات البدعية والأربطة والزوايا، وذلك بما يلي:
  • تشجيع ما هو قائم.
  • إقامة أربطة جديدة، فالطرق الموجودة الآن في الحديدة على النحو التالي: الشاذلية، التجانية، النقشبندية، القادرية، الدسوقية، البرهانية، الميرغنية.
  1. الكليات والمعاهد الشرعية: التي تدعم هذا التوجه مثل (دار المصطفى) بتريم في جنوب اليمن، (الأكاديمية الصوفية) بمصر وغيرها، ولا شك أن هذه الدور العلمية تضمن استمرارية النشاط الصوفي في تلك المناطق بل وتزايد أعداد المنتمين لهذا الفكر.
  2. الجمعيات الخيرية: حيث قامت الصوفية في الحديدة ـ اليمن ـ بإقامة مؤسسة دعوية خيرية تحت اسم (دار الخير) ومن أبرز أعمالها:
  • طباعة النشرات التي تؤيد ما هم عليه كنشرة (نعم نحتفل ـ عن المولد).
  • إقامة المراكز الصيفية، وقد أقيمت بالحديدة أربعة مراكز صيفية في أماكن مختلفة.
  • إقامة المسابقات الثقافية والرياضية، وقد اقاموا عددًا منها في مدينة الحديدة.
  1. الأندية الرياضية والثقافية: حيث اتجه الصوفية إلى طبقة الشباب ونشطوا في دعوتهم نشاطًا كبيرًا، ومن ذلك إقامة أندية رياضية وثقافية تحتضن الشباب.
  2. مدارس تحفيظ القرآن الكريم: وذلك بإقامة عدد من المدارس على مستوى البنين والبنات وتشجيع القائم منها، حيث يوجد في الأحياء التي هي مركز العمل لهم ويوجدون بكثرة فيها.
  3. المساجد: وذلك بالحرص البالغ على أن تكون المساجد تحت سيطرتهم حيث أن (60%) تقريبًا من مساجد الحديدة تحت أيدي الصوفية، والمساجد التي تحت أيديهم يتم تفعيل دورها وإقامة الأنشطة المختلفة فيها.
  4. المراكز القيادية والمناصب السياسية: الحرص على تولي زمام الأمور والمشاركة السياسية، وذلك بتسلم المراكز القيادية في المجتمع ومواطن التأثير في الناس، فمثلًا: في مصر منصب الإفتاء.
  5. وسائل الإعلام المختلفة: محاولة السيطرة على الإعلام، فهم أكثر من يدير ويشرف على القضايا الدينية والفتاوى في الإعلام المسموع والمرئي جملة، أما الواقع التي على الشبكة العالمية فحدث ولا حرج كثرة وحسنًا في العرض وجمالًا في الترتيب والتبويب، دع عنك المحاضرات الصوتية والأقراص الإلكترونية التي توزع في الكليات والمدارس بل ومع مجلات الحاسب الآلي.
ما المشكلة؟ ما هي المظاهر والسمات التي برز بها التصوف المعاصر؟ وهل اختلف عن التصوف السابق في كل شيء أم هو تغير في الخطاب مع ثبات على الأصول العقائدية؟
أبرز مظاهر التصوف المعاصر:
  1. نشر القبورية والموالد البدعية والأوراد الخرافية: الأضرحة في مصر:ينتشر في مصر أكثر من ستة آلاف ضريح، وحصيلة نذور الأضرحة بمصر بلغ حجم الإنفاق على الأضرحة في مصر كما قال وزير الأوقاف المصري 52 مليونًا و67 ألفًا و579 جنيهًا.
  • كذلك زيارة قبر نبي الله هود عليه السلام بحضرموت، وزيارة الأضرحة في أفغانستان، الحج السنغالي، كازاخستان ومكة الثانية: وهو ما يؤديه بعض أتباع الطرق الصوفية بـ (حجًا أصغر) في كازاخستان، وفق طقوس خاصة منبثقة من تقاليد وعادات شعبية.
  • دبلوماسية زيارة الأضرحة: صار التسابق من قبل السياسيين لإحياء مظاهر الشرك، فقد أعلن وزير الثقافة والإعلام الأفغاني أن الحكومة الأفغانية الجديدة وضعت ضمن أولوياتها ترميم تمثالي بوذا العملاقين في ولاية باميان، ومن هذا الأهتمام: (زيارة الرئيس الباكستاني لأحد الأضرحة، زيارة الرئيس الجزائري للأضرحة لزيادة شعبيته، زيارة رئيس الوزراء الإندونيسي للأضرحة).
  • الموالد عند الصوفية: أما الموالد فقد صارت هي الدليل على محبة النبي صلى الله عليه وسلم، فمن يحبه يقيم المولد، ومن لا يقيم المولد فهو لا يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشأن الموالد أعجب من العجب حيث تسقط المروءة ويقوم الرجال بالتمايل والرقص على الأصوات المنغمة والكلمات المحرمة.
  • حلقات الذكر بالحديدة: أورد أمين الريحاني في كتابه ملوك العرب صورة وصفية لبعض حلقات الذكر الصوفية والتي كانت في مدينة الحديدة والتي لا تختلف عن حلقات الذكر الصوفية الموجودة الآن.
  1. نشر الخرافات والأساطير وبث العقائد الضالة: خرافات صوفية معاصرة والدفاع عن الحلاج وابن عربي:لقد وصل ببعض المتصوفة المعاصرين إلى أن يدافعوا عن الحلاج وابن عربي، ففي العدد الثاني عشر من مجلة الإسلام والتصوف نعتت المجلة الحلاج بأنه شهيد الصوفية ـ وهو الذي قتل حدًا لزندقته بفتوى من علماء عصره ـ وأنه مات مقتولًا شهيدًا في مقالة طويلة.
  2. تمييع عقيدة الموالاة والمعاداة في ضمير الامة: (مباركة الطريقة الكستنزانية للاحتلال الأمريكي بالعراق، صوفية الشيشان).
موقف الصوفية من الجهاد: إن المتأمل في تاريخ الصوفية يجد أن موقفهم من الجهاد ومقاومة الاستعمار في القديم و الحديث موقف متباين، يسوده التذبذب والاضطراب، فبينما نرى طائفة منهم أعلنت الجهاد وقاومت الاستعمار، وأقضت مضاجع المستعمرين، نرى على النقيض الآخر طائفة أخرى نكصت عن الجهاد، ونكلت عن الحرب، وانزوت على نفسها فرقا وهربًا.
ويستعرض الكاتب مثالا على ذلك وهي (الحركة السنوسية، حركة شامل في بلاد الشيشان، الأمير عبد القادر الجزائري)
  1. العداء السافر لأهل السنة: ففي رد لشيخ مشايخ الطرق الصوفية بمصر على سؤال حول السلفية يقول: (السلفية الصحيحة لا غبار عليها، لكننا ضد السلفية المنحرفة، وف اعتقادي لا توجد الآن سلفية سليمة).
ويختم الكتاب بتساؤلات فيقول: ما هو واجبنا لمواجهة هذا التيار الضال؟ وما هو العمل الذي يرفع الإثم ويبعد عنا اللائمة أمام الحق جل وعلا؟.
إن نظامنا العقدي هو أقوى من كل الأنظمة، وأن لدينا من القيم والمناهج ما يمكننا أن نطرح رؤية متكاملة لإصلاح الفساد القائم، لكننا نحتاج أن نغادر مرحلة الدفاع والانطواء إلى مرحلة بناء الخطوط المتقدمة وفتح خطوط حيوية في أرض الآخرين.
هنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق