البعد الاعتقادي للاحتفال بالمولد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه. وبعد:
فإن قطاعاً عريضاً من المتصوفة يعتقدون أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد خُلِقَ من نور (أي أزلي) ويسمون ذلك بـ(الحقيقة المحمدية) التي سبقت خلق آدم ثم حلت فيه حين خلق، وما زالت تنتقل من آدم إلى من بعده من الأنبياء حتى بلغت شخصه صلى الله عليه وسلم وهي التي يستمد منها جميع الأولياء –عندهم- علمهم وقوتهم وتصرفهم، أو هي التي تنتقل بما يعرف عندهم بــ(القطب الغوث)، وهذا الكلام تلفيق بين اليونانية وفق نظرية الفيض النوراني وبين الخرافات الهندوكية التي تقول بتناسخ الأرواح.
والواقع أن ثمة رابطاً قوياً بين نظرية الحقيقة المحمدية وبين احتفالهم بالمولد هي أن الحقيقة تجسدت في شخص النبي صلى الله عليه وسلم في مولده، وهذا ما يهم القوم.
أما الشريعة التي جاءت بعد البعث فليست لهم ؛ لأن علمهم لدنيٌّ مستمد من هذه الحقيقة.
ولهذا، فهم يقدسون أولياءهم الذين استمدوا من الرسول صلى الله عليه وسلم العلم والتصريف، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم -كما يعتقدون- حي في قبره، وأن الحقيقة قد انتقلت إلى مَنْ بَعدَه من الأولياء، فلماذا يُحرق عليه وهو لم يمت؟ ولهذا لا نعجب إذا حدثوا أن الرفاعي (صاحب الطريقة الرفاعية) قد مد له النبي صلى الله عليه وسلم يده من القبر فصافحه وأعطاه العهد، أو قالوا قريباً من ذلك عن البدوي أو الدسوقي أو الشاذلي. لكل هذا فهم يقدسون يوم المولد دون غيره.
وتعجب بعد هذا من مسائل يثيرونها: هل يوم المولد أفضل، أم ليلة القدر؟ ويُصطنع لها أقوال ينتصر في آخرها لقولهم وهو واه جداً.
ومثال آخر هو قولهم حول وجوب إظهار الفرحة بيوم المولد مثل أيام العيدين. وتفرع عن هذا مسألة وهي: ما حكم صيام يوم المولد؟
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق