الخميس، 6 مارس 2014

من زهده صلى الله عليه وسلم

من زهده صلى الله عليه وسلم

     قال الله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى} .
       وعن عمر بن الخطاب في حديث إيلاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من أزواجه ألا يدخل عليهن شهراً ، واعتزل عنهن في عُلية ، فلما دخل عليه عمر في تلك العُلية ، فما فيها سوى صُبرة من قرظ وأهبةٍ وصُبرة من شعير ، وإذا هو مضطجع على رمال حصير ، وقد أثر في جنبه ، فهملت عينا عمر ، فقال: مالك ؟ قلت يا رسول الله أنت صفوة الله من خلقه ، وكسرى وقيصر فيما هما فيه ، فجلس مُحمراً وجهه ، فقال: أوفي شك يا ابن الخطاب ؟ ثم قال: أولئك قوم عُجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا .
          وفي رواية مسلم: ( أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ، ولنا الآخرة ؟ فقلت: بلى يا رسول الله ، قال: فاحمد الله عز وجل .
     وعن علقمة عن ابن مسعود قال: اضطجع رسول الله على حصير ، فأثر الحصير بجلده ، فجعلت أمسحه وأقول: بأبي أنت وأمي: ألا آذنتنا فنبسط لك شيئاً يقيك منه تنام عليه ؟ قال: (مالي وللدنيا ، ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لو كان لي مثل أُحد ذهباً لسرني أن لا تمر عليّ ثلاث ليالي وعندي منه شئ إلا شيئاً أرصده لدين) .
     وعن عمرو بن الحارث رضي الله عنهما قال  ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته ديناراً ولا درهماً ، ولا عبداً ولا أمة ، ولا شيئاً إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها ، وسلاحه ، وأرضاً جعلها لابن السبيل صدقة .

     جوعه صلى الله عليه وسلم
     وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة ، فإذا هو بأبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فقال: ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة.؟ قالا: الجوع يا رسول الله. قال: وأنا والذي نفسي بيده أخرجني الذي أخرجكما ، قوموا. فقاموا معه فأتوا رجلاً من الأنصار ، فإذا هو ليس في بيته ، فلما رأته المرأة قالت: مرحباً وأهلاً. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين فلان.؟ قالت: ذهب يستعذب لنا الماء إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ثم قال: الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني ، فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب وقال: كلوا ، وأخذ المدية فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياك والحلوب. فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا فلما أن شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما: والذي نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة.

     عيشه صلى الله عليه وسلم:
     قال الله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى}
          (أي كنت فقيراً ذا عيال ، فأغناك الله عمن سواه) .
     وعن عائشة أنها قالت: إن كنا آل محمد  ، ليمر بنا الهلال ، ما نوقد ناراً ، إنما هما الأسودان، التمر والماء ، إلا أنه كان حولنا أهل دور من الأنصار ، يبعثون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن منائحهم ، فيشرب ويسقينا من ذلك اللبن .
     وعن أنس قال: ما أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، رأى رغيفاً مرققاً ، حتى لحق بالله ، ولا شاة سميطاً ـ أي: مشوية ـ  بعينه قط .
     وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يتلوى من الجوع ، ما يجد ما يملأ من الدقل بطنه .(الدقل: ردئ التمر) .
     وعن أنس رضي الله عنه أنه مشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بخبز وإهالة سنخة ـ دهن متغير الرائحة يؤتدم به .ـ ، ولقد رهن درعه عند يهودي ، فأخذ لأهلـه شعيراً ، ولقد سمعته ذات يوم يقول: ( ما أمسي عند آل محمد صاع تمر ، ولا صاع حب) .
     وكان يبيت الليالي المتتابعة طاوياً وأهله ، ولا يجدون عشاء وكان أكثر خبزهم الشعير.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم منذ قدموا المدينة – ثلاثة أيام تباعاً – من خبر بر ، حتى مضى لسبيله (أي مات) .
     وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً) (أي ما يسد الجوع) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق