الخميس، 6 مارس 2014

أنفع وصية من شيخ الإسلام ابن تيمية لابن القيم في دفع الشبهات

الحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على الهادي الأمين المبعوث رحمة للعالمين ،وآله ، وصحبه ، والتابعين ، أما بعد : 
فإن الاستفادة من تجارب العلماء من أَولَى ما يعتني به طالب العلم خاصة إن كانت لأكابر علماء السنة ، والمسألة في باب الاعتقاد ، وما أريد ذكره هنا هو مايتعلق بموضوع الشبهات التي غدت في عصرنا كالريح تأتيك من كل مكان في كل مكان ! فإلى الله المفر .

وهذه فائدة أنقلها لك من تجربة الإمام ابن القيم نصحه بها شيخه الإمام ابنتيمية ، وأتبعها إن شاء الله ببعض النقول النافعة نفعني الله ، وإياك بما نقولونسمع.

قال الإمام المحقق ابن القيم ـ رحمه الله ـ في كتابه عظيم النفع مفتاح دارالسعادة 1/140:
[
في شرحه لحديث أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ لكميل بن زيادالنخعي ـ رحمه الله ـ ..] وقوله " ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة" :
هذا لضعف علمه ، وقلة بصيرته إذا وردت على قلبه أدنى شبهة قدحت فيه الشك والريب؛ بخلاف الراسخ في العلم لو وردت عليه من الشبه بعدد أمواج البحر ما أزالتيقينه ولا قدحت فيه شكا ؛ لأنه قد رسخ في العلم ، فلا تستفزه الشبهات ، بل إذاوردت عليه ردها حرس العلم وجيشه مغلولة مغلوبة .والشبهة وارد يرد على القلب يحول بينه وبين انكشاف الحق له فمتى باشر القلبحقيقة العلم لم تؤثر تلك الشبهة فيه ، بل يقوى علمه ويقينه بردها ، ومعرفةبطلانها ، ومتى لم يباشر حقيقة العلم بالحق قلبه قدحت فيه الشك بأول وهلة ، فإنتداركها و إلا تتابعت على قلبه أمثالها حتى يصير شاكا مرتابا .
والقلب يتوارده جيشان من الباطلجيش شهوات الغي .وجيش شبهات الباطل .فأيما قلب صغا إليها ، وركن إليها تشربها ، وامتلأ بها ، فينضح لسانه ، وجوارحه بموجبها ، فإن أشرب شبهات الباطل = تفجرت على لسانه الشكوك ، والشبهات ، والإيرادات = فيظن الجاهل أن ذلك لسعة علمه ؛ وإنما ذلك من عدم علمه ، ويقينه ، وقال لي شيخ الإسلام ـ رضي الله عنه ـ وقد جعلت أورد عليه إيرادا بعد إيراد ـ : لا تجعلقلبك للإيرادات ، والشبهات مثل السفنجة ، فيتشربها فلا ينضح إلا بها ، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها ، فيراها بصفائه ،ويدفعها بصلابته ، و إلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقرا للشبهاتأو كما قال .فما أعلم أني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك .وإنا سميت الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها ، فإنها تلبس ثوب الحق علىجسم الباطل ، وأكثر الناس أصحاب حسن ظاهر ، فينظر الناظر فيما ألبسته من اللباس، فيعتقد صحتها و أما صاحب العلم واليقين فإنه لا يغتر بذلك ، بل يجاوز نظرهإلى باطنها ، وما تحت لباسها = فينكشف له حقيقتها .ومثال هذا: الدرهم الزائف ، فإنه يغتر به الجاهل بالنقد نظرا إلى ما عليه منلباس الفضة ، والناقد البصير يجاوز نظره إلى ما وراء ذلك ؛ فيطلع على زيفه .فاللفظ الحسن الفصيح هو للشبهة بمنزلة اللباس من الفضة على الدرهم الزائف ،والمعنى كالنحاس الذي تحته ، وكم قد قتل هذا الاغترار من خلق لا يحصيهم إلاالله .وإذا تأمل العاقل الفطن هذا القدر ، وتدبره رأى أكثر الناس يقبل المذهب ،والمقالة بلفظ ، ويردها بعينها بلفظ آخر ، وقد رأيت أنا من هذا في كتب الناس ماشاء الله ، وكم رد من الحق بتشنيعه بلباس من اللفظ قبيح .
قال الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله في شرح الطحاوية شريط (10) دقيقة (34) ثانية (50) :المعتصم هو :كتاب الله ، وسنة رسولهصلى الله عليه وسلم، إذا أشكل عليك أمر ، ولم تدركه بعقلكالناقص القاصر ؛ فاعتصم بحبل الله ، وبكتابه ، وحسبك حسبك .وقبلها في شريط (8) دقيقة (23) ثانية (30)
كل ما يخالف الحق أي نظرية ، أو استدلال يعارض به ما جاء عن الله ، ورسولهصلى الله عليه وسلم = فهو باطل منذ الوهلة الأولى ، فكل ما يعارض الحق فهو باطل . وليس بلازم أن يكون الإنسان عنده القدرة على تزييف تلك الشبهة ، ما يلزم . المهم أن الحق عندي ثابت فما يدعى أن هذا يعارضه أو هذا يعرض كذا = فهو مردودمدفوع .اعتصم بالحق ، واثبت على الحق ، واطرح كل ما خالفه . أحببت أؤكد على هذا ، فهو ينفع المسلم ، ويريح باله ، عند ورود الشبهات علىقلبه ، أو ورود الشبهات على أذنه وسمعه ، وقد انفتح على الناس أبواب شر في هذاالعصر ممثلة في وسائل الإعلام ، وفي تلك الشبكة المعروفة بالإنترنت ، هي وسائلعظيمة الأثر في الخير والشر ، ولكن أكثر ما تستعمل في الشر لأن أكثر الناس علىغير هدى .. كونوا على حذر مما يطرح في هذه الوسائل ، فإن الآن أصبح الناس في فتنة ، فتنةمدلهمة أصبح كل مبطل يستطيع أن يتكلم ، المبتدع يتكلم ، والملحد يتكلم ، يطرحالشبهات ، المبتدع المعروف بالبدعة ، والمتسنن الذي ينتسب للسنة ، فإن منالمنتسبين للسنة من تتسرب إليه أفكار ، وتوجهات فيحملها ، ويحمل لواءها = فيصيرـ والعياذ بالله ـ داعي فتنة سواء مما يتعلق بالاعتقادات ، أو السلوكيات .ومن أخبث من ظهر من المنتسبين للسنة في هذا البلد من يعرف بـ "حسن بن فرحانالمالكي" هذا الذي ينسب للسنة ، وطرحه ، وعرضه ، وكلامه = يكذب انتسابه ، فإنهاتخذ أئمة السنة هدفا له فيما يلقيه في محضراته في الأمكنة المشبوهة ، وفيماينشره نشرا خاصا ، أو عاما ، فحذار من الاغترار به ، فكل من يتضامن معه ، أويعتذر عنه = فهو متهم في دينه ..اهـ [ويراجع بقية كلام الشيخ على هذا الضال].
فأتمسك أخي المسلم بهذه التوجيهات تجد الراحة في الدين والدنيا والآخرة .والله اعلم .عبد الرحمن بن صالح السديس 

أنفع وصية من شيخ الإسلام ابن تيمية لابن القيم في دفع الشبهات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق