توسل آدم بالنبي عليهما الصلاة والسلام
يستدل الصوفية على جواز التوسل بالذوات ، بحديث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعاً: (( لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمدلما غفرت لي، فقال: يا آدم ?! وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟ قال: يا رب لما خلقتني بيدك، ونفخت في من روحك رفعت رأسي، فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك، فقال: غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك)).
وهذا الحديث باطل لا تجوز روايته فضلاً عن الاستدلال به.
فقد رواه الحاكم في "المستدرك" (2ـ615) من طريق أبي الحارث عبد الله بن مسلم الفهري: حدثنا إسماعيل بن مسلمة: أنبأ عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده عن عمر.
وقال: صحيح الإسناد وهو أول حديث ذكرته لعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في هذا الكتاب. فتعقبه الذهبي فقال: بل موضوع، وعبد الرحمن واهٍ، وعبد الله بن أسلم الفهري لا أدري من ذا.
ورواه البيهقي ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق" (7ـ436) عن أبي عبد الله الحافظ إملاء وقراءة نا أبو سعيد عمرو بن محمد بن منصور العدل إملاء نا أبو الحسن محمد بن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي نا أبو الحارث عبد الله بن مسلم الفهري بمصر قال أبو الحسن هذا من رهط أبي عبيدة بن الجراج أنا إسماعيل بن مسلمة أنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ..... .
ورواه من نفس الطريق الطبراني في "المعجم الصغير" (207): ثنا محمد بن داود بن أسلم الصدفي المصري: ثنا أحمد ابن سعيد المدني الفهري: ثنا عبد الله بن إسماعيل المدني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم به. وهذا سند مظلم فإن كل من دون عبد الرحمن لا يعرفون، وقد أشار إلى ذلك الحافظ الهيثمي رحمه الله حيث قال في "مجمع الزوائد" (8ـ253): (رواه الطبراني في الأوسط والصغير وفيه من لم أعرفهم))
ورواه أبو بكر الآجري في كتاب "الشريعة" (427) من نفس الطريق أيضاً عن عبد الله ابن إسماعيل بن أبي مريم عن عبد الرحمن بن زيد به، وعبد الله هذا لم أعرفه أيضاً، فلا يصح عن عمر مرفوعاً ولا موقوفاً، ثم رواه الآجري من طريق آخر عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه أنه قال: من الكلمات التي تاب الله بها على آدم قال: اللهم أسألك بحق محمد عليك.. الحديث نحوه مختصراً، وهذا مع إرساله ووقفه، فإن إسناده إلى ابن أبي الزناد ضعيف جداً، وفيه عثمان بن خالد والد أبي مروان العثماني، قال النسائي: ليس بثقة.
ومما تقدم يظهر لنا أن مدار هذا الحديث على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقد ضعفه الحافظ ابن حجر في التلخيص وفي فتح الباري وغيرهما, وقال البيهقي: (تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، من هذا الوجه، وهو ضعيف) وكذلك ضعفه الهيثمي في مجمع الزوائد ، وقال ابن الجوزي: أجمعوا على ضعفه وهومتهم بالوضع، رماه بذلك الحاكم نفسه ، فقد قال في كتاب "المدخل إلى معرفة الصحيح من السقيم": (عبد الرحمن بن زيد بن أسلم روى عن أبيه أحاديثموضوعة ، لا تخفى على من تأملها من أهل الصنعة أن الحمل فيها عليه).
وقد أورد الحاكم أيضا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم في كتابه "الضعفاء" وقال في آخره: (فهؤلاء الذين قدمت ذكرهم قد ظهر عندي جرحهم، لأن الجرح لا يثبت إلا ببينة، فهم الذين أبين جرحهم لمن طالبني به، فإن الجرح لا أستحله تقليداً، والذي أختاره لطالب هذا الشأن أن لا يكتب حديث واحد من هؤلاء الذين سميتهم، فالراوي لحديثهم داخل في قوله: من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين).
وقد ضعفه أيضا أحمد بن حنبل وابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي والدارقطني والعلائي والزيلعي والسخاوي والشوكاني وغيرهم.
قال الترمذي: (وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف في الحديث، ضعفه أحمد بن حنبلٍ وعليّ بن المدينيّ وغيرهما من أهل الحديث، وهو كثير الغلط.)
وقال ابن حبان: (كان يقلب الأخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك من روايته من رفع المراسيل، وإسناد الموقوف، فاستحق الترك).
وقال أبو نعيم: (روى عن أبيه أحاديث موضوعة).
والفهري أورده الذهبي في "الميزان" وساق له هذا الحديث وقال: (خبر باطل)?
وكذا قال الحافظ ابن حجر في "اللسان" (3ـ360) وزاد عليه قوله في الفهري هذا: (لا أستبعد أن يكون هو الذي قبله فإنه من طبقته)
والذي قبله هو عبد الله بن مسلم بن رشيد، قال الحافظ: ذكره ابن حبان، متهم بوضع الحديث، يضع على ليث ومالك وابن لهيعة، لا يحل كتب حديثه، وهو الذي روى عن ابن هدية نسخة كأنها معمولة).
وأورد صاحب كنز العمال طريقاً آخر فقال: عن علي رضي الله عنه قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله: {فتلقى آدم من ربه كلمات} فقال: إن الله أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة وإبليس بميسان، والحية بأصبهان، وكان للحية قوائم كقوائم البعير ومكث آدم بالهند مائة سنة باكيا على خطيئته، حتى بعث الله تعالى إليه جبريل وقال: يا آدم ألم أخلقك بيدي؟ ألم أنفخ فيك من روحي؟ ألم أسجد لك ملائكتي؟ ألم أزوجك حواء أمتي؟ قال بلى، قال: فما هذا البكاء؟ قال: وما يمنعني من البكاء وقد أخرجت من جوار الرحمن، قال فعليك بهذه الكلمات، فإن الله قابل توبتك وغافر ذنبك قل: اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد، سبحانك، لا إله إلا أنت، عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم، اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم، فهؤلاء الكلمات التي تلقى آدم.
ثم قال: رواه الديلمي وسنده واه ، وفيه حماد بن عمرو النصيبي عن السري بن خالد واهيان.
وهذه بعض ما قيل في حماد النصيبي
قال عنه الحافظ ابن حجر: "متروك" وفي موضع آخر: "مذكور بوضع الحديث"
وقال يحيى بن معين: هو ممن يكذب ويضع الحديث.
وقال عمرو بن علي الفلاس، وأبو حاتم: منكر الحديث ضعيف جداً.
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني: كان يكذب.
وقال البخاري: منكر الحديث.
وقال أبو زرعة: واهي الحديث.
وقال النسائي: متروك.
وقال ابن حبان: يضع الحديث وضعاً.
وأورد صاحب اللآلئ المصنوعة طريقاً آخر فقال: قال الدارقطني: حدثنا أبو ذر أحمد بن محمد بن أبي بكر الواسطي حدثنا محمد بن علي بن خلف العطار حدثنا حسين الأشقر حدثنا عمرو بن ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس سألت النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فقال: قال سأل بحق محمد وعلي وفاطمة.
تفرد به عمرو عن أبيه أبي المقدام ، وتفرد به حسين عنه.
أما عمرو بن ثابت فقد قال عنه يحيى: لا ثقة ولا مأمون.
وقال ابن حبان: يروي الموضوعات عن الإثبات.
وكذلك أورده صاحب تذكرة الموضوعات وقال: فيه حسين بن حسن اتهمه ابن عدي.
وأما حسين الأشقر:
فقد قال عنه البخاري: فيه نظر. وقال في موضع آخر: عنده مناكير.
وقال أبو زرعة: منكر الحديث.
وقال أبو حاتم: ليس بقوى.
وقال إبراهيم بن يعقوب الجوزجانى: غال من الشتامين للخيرة.
وقال أبو أحمد بن عدى: وليس كل ما يروى عنه من الحديث فيه الإنكار يكون من قبله ، و ربما كان من قبل من يروى عنه ، لأن جماعة من ضعفاء الكوفيين يحيلون بالروايات على حسين الأشقر ، على أن حسينا هذا في حديثه بعض ما فيه.
وذكره ابن حبان في كتاب " الثقات "
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" (2ـ336):
وذكره العقيلي في " الضعفاء " ، و أورد عن أحمد بن محمد بن هانيء قال: قلت لأبى عبد الله ـ يعنى ابن حنبل ـ: تحدث عن حسين الأشقر ! قال: لم يكن عندي ممن يكذب وذكر عنه التشيع ، فقال له العباس بن عبد العظيم: أنه يحدث في أبى بكر و عمر. وقلت أنا: يا أبا عبد الله إنه صنف بابا في معائبهما. فقال: ليس هذا بأهل أن يحدث عنه.
وذكر ابن عدي له أحاديث مناكير ، وقال في بعضها: البلاء عندي من الأشقر.
وقال النسائي و الدارقطني: ليس بالقوي.
وقال الأزدي: ضعيف ، سمعت أبا يعلى قال: سمعت أبا معمر الهذلي يقول: الأشقر كذاب.
وقال ابن الجنيد: سمعت ابن معين ذكر الأشقر ، فقال: كان من الشيعة الغالية.
وأما عمرو بن ثابت:
فقد قال المزي عنه في "تهذيب الكمال":
قال على بن الحسن بن شقيق: سمعت ابن المبارك يقول: لا تحدثوا عن عمرو بن ثابت ، فإنه كان يسب السلف.
وقال الحسن بن عيسى: ترك ابن المبارك حديث عمرو بن ثابت.
وقال هناد بن السري: مات عمرو بن ثابت ، فلما مر بجنازته فرآها ابن المبارك دخل المسجد وأغلق عليه بابه حتى جاوزته.
وقال أبو موسى محمد بن المثنى: ما سمعت عبد الرحمن يحدث عن عمرو بن ثابت.
وقال عمرو بن على: سألت عبد الرحمن بن مهدى عن حديث عمرو بن ثابت ، فأبى أن يحدث عنه ، وقال: لو كنت محدثا عنه لحدثت بحديث أبيه عن سعيد بن جبير في التفسير.
وقال عباس الدوري ، عن يحيى بن معين: ليس بثقة ، و لا مأمون ، لا يكتب حديثه. و قال في موضع آخر: ليس بشيء.
وقال أبو داود ، عن يحيى: هو غير ثقة.و قال معاوية بن صالح ، عن يحيى: ضعيف.
وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث.
وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث ، يكتب حديثه ، كان رديء الرأي ، شديد التشيع.
وقال البخاري: ليس بالقوى عندهم.
وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا داود عن عمرو بن ثابت بن أبى المقدام ،فقال: رافضي خبيث.
وقال في موضع آخر: رجل سوء ، قال هناد: لم أصل عليه ; قال: لما مات النبي صلى الله عليه وسلم كفر الناس إلا خمسة. و جعل أبو داود يذمه.
وقال النسائي: متروك الحديث.
وقال في موضع آخر: ليس بثقة ، و لا مأمون.
وقال ابن حبان: يروى الموضوعات عن الأثبات".
قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" (8ـ10):
قال ابن سعد: كان متشيعا مفرطاً ، ليس هو بشيء في الحديث ، و منهم من لا يكتب حديثه لضعفه و رأيه ، وتوفي في خلافة هارون.
وقال عبد الله بن أحمد ، عن أبيه: كان يشتم عثمان ، ترك ابن المبارك حديثه.
وقال الساجي: مذموم ، و كان ينال من عثمان و يقدم عليا على الشيخين.
وقال العجلي: شديد التشيع غال فيه ، واهي الحديث.
وبهذا يظهر لنا أن الحديث باطل ، لا تجوز روايته.
ولمن يقول: لماذا تتقولون على الصوفية أنهم يروون الأحاديث الموضوعة.؟ نقول هذا هو داعية التصوف "علي الجفري" يروي هذا الحديث بعينه ، وينسبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. لمشاهدته تفضل واضغط هنا
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم ، والحمد لله رب العالمين.
كتبه: أبو أحمد محمد أمجد البيطار ، غفر الله له ولوالديه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق