الأربعاء، 5 مارس 2014

حوار خاص مع رئيس جمعية تعاون المسلمين في نيجيريا

رئيس جمعية تعاون المسلمين في نيجيريا
التصوف أصبح خطرا على حاضر المجتمع الإسلامي ومستقبله

أجرى الحوار: أسامة الهتيمي – محمد عبدالعزيز الهواري

الأستاذ داؤد عمران ملاسا نيجيري من قبيلة يوروبا ثاني أكبر قبائل نيجيريا بعد قبيلة هوسا، تعلم الدراسات العربية والإسلامية في نيجيريا على أيدي عدة من مشايخ السنة في الجنوب، والأن يعمل مدرسًا وداعية.

قام بتأسيس جماعة تعاون المسلمين سنة 1414 هجريًّا، لإنقاذ المجتمع النيجيري والشباب وغيرهم من خطر الحركات التنصيرية والتغريبية والانحرافات التي ظهرت بالقوة منذ استقلال نيجيريا عام 1960م.
وهو رئيس اللجنة النيجيرية للدفاع عن فلسطين والمسجد الأقصى، كما أنه أحد النشطاء والدعاة المعروفين في الجنوب النيجيري والذي بذل جهدا كبيرا من أجل الحفاظ على الإسلام بصورته النقية الصحيحة في مواجهة محاولات اختراقه وتفريغه من مبادئه وقيمه الأساسية.. فكان لنا معه هذا الحوار...


*معلوم أن التصوف يجد له أرضا خصبة في إفريقيا منذ أن دخلها الإسلام .. هل يمكن أن تطلعونا على خريطة التصوف في نيجيريا؟

التصوف في نيجيريا كان له وجود قوي منذ ظهور دعوة الشيخ الداعية عثمان بن فودي رحمه الله تعالى وهو مؤسس الدولة الإسلامية في شمال نيجيريا، وكان التصوف في هذه الفترة بحال لا بأس به، فهم كانوا يتعلمون الفقه والتوحيد ويحفظون كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ويجاهدون في سبيل الله ولم يظهر بينهم التطرف والغلو والعقائد الباطلة والانحرافات الفكرية والبدع وادعاء الولاية والكرامة.....، كما  دخل الإسلام جنوب نيجيريا أيضا عن طريق دعاة مسلمون متصوفون معتدلون، غير أنه وللأسف الشديد فقد أصبح التصوف أو الانتماء إلى طرق صوفية اليوم خطرا على المجتمع الإسلامي ومستقبله بسبب ظهور العقائد الباطلة والمفاهيم الخاطئة والمظاهر الشركية في هذه الطرق.

*حذر الباحث الموريتاني في مجال التصوف بإفريقيا أحمدو بمبا من خطر التشيع مستغلا بيئة التصوف فيه حيث يشير إلى أن الحوزات العلمية الشيعية في غرب إفريقيا تعمل صباح مساء على جلب متشعين جدد ومجال عملها ليس الوثنيين أو غير السملمين وإنما أهل السنة.. ما تعليقكم على ذلك؟

التشيع أو الشيعة يستغلون أي فرصة ممكنة لنشر عقائدهم في إفريقيا، فيدخلون من باب المتحمسين من أبناء السنة مع القضايا الإسلامية العالمية والمنكرين الرافضين للهيمنة الأمريكية على العالم والإعتدءات الامريكية أو تدخلها في الشرق الأوسط فتأسست للشيعة جمعية شبابية في ولايات شمالية منذ السبعينات في القرن الماضي لاسيما بعد انتصار وظهور ثورة الخميني عام 1979م في إيران، وكما استغلوا فترة ظهور دعوات وانتقادات من شيوخ الطرق الصوفية في الشمال للمملكة السعودية للدعوة السلفية التي يسمونها بـ "الوهابية" فالتحقوا معهم وتحالفوا مع رجال وقادة الطرق الصوفية لمحاربة السنة أو الدعوة السلفية.
وبفضل الله فهم ليس لهم حاليا وجود يذكر في جنوب نيجيريا، أما التصوف فمنتشر في جميع المدن الإسلامية في الجنوب النيجيري.

*تمارس الحركات الصوفية في الدول العربية الكثير من البدع والطقوس التي ليس لأغلبها دليل أو سند شرعي .. هل تشترك صوفية نيجيريا مع نظيراتها العربية في ذلك؟

الطرق الصوفية أو الجمعيات التي تنتمي إليها مضللون ومنحرفون بل ويشوهون صورة الإسلام والمسلمين بعقائدهم الباطلة وأفكارهم الباطلة وادعاءاتهم الكاذبة وممارساتهم البعيدة عن الدين، فترى بعضهم يدعون أن هناك درجة إذا وصل إليها العبد تسقط عنه التكليفات والأوامر فيكون الحلال حلالا وكذلك الحرام يكون حلالا فإذا شرب الخمر أو زنى أو سرق فهو حلال له لمكانه وقربه – بحسب ادعاءهم-  إذ أنه وصل إلى درجة متميزة وعالية كما أنهم يومنون بعقيدة وحدة الوجود وأن الله هو كل شيء، ويقولون إن قراءة صلاة الفاتح أفضل من قراءة القرآن الكريم غير أنه وللحقيقة قد يوجد بينهم من لا يعتقد ولا يؤمن بالكثير من هذه العقائد الفاسدة.

*في ظل الثورة التكنولوجية وانبهار الناس بالعلم الحديث ما مدى ما يمثله المنهج الصوفي المنزوي والمتشبث بخرافات خاصة من ركيزة لصرف غير المسلمين عن الدخول في الإسلام؟

ما يحدث الآن أن هذه الطرق الصوفية تلعب دورا مميزا في تقهقر المسلمين في المجتمع وتفسد الأفكار والأخلاق وتشوه صورة الإسلام في مجتمعاتنا، فالمنهج الصوفي هو عنوان للجهل والأمية والرجعية والخرافات، فهولاء لا يهتمون بدعوة غير المسلمين للدخول في الإسلام، والمنتسبون لهذا المنهج لا يتعلمون إلا القليل ولا يتفقهون في الدين، كما أنهم لا يهتمون بالعلوم الحديثة من تكنولوجيا وهندسة وغيرها، اللهم إلا قلة منهم ونسبة لا تبلغ 10 في المائة.

*يعاني المسلمون في نيجيريا الأمرين نتيجة حالة القهر والاستبداد التي يمارسها حكامه ضده .. ما الدور الذي يلعبه متصوفة نيجيريا لرد هذا الاستبداد أم أن المعاناة لا تطالهم؟

هذه المعاناة لا تطالهم وفساد الحكام لا يعنيهم، فدعاة الإصلاح والتغيير في نيجيريا هم من أبناء السنة ومن المثقفين ومن العناصر المعتدلة غير المتطرفة...

*يلقى الصوفية العرب الدعم الأمريكي باعتباره يعبر عن الإسلام المهادن غير المقاوم ما الموقف الغربي من الصوفية في نيجيريا؟

الغرب لا يرى فيهم إلا خيرا وهم معتدلون وسلميون عند الغرب..... إذا الريح مالت مال حيث تميل..... وهم علماء السلطان سواء كان الحاكم مسيحيا أو وثنيا، ويلقون الدعم المالي من أصحاب النفوذ في الحكومات النيجيرية ولا أعرف مدى تلقيهم الدعم من الغرب اللهم الا أنهم لا يتصادمون مع السياسات الأمريكية والبريطانية في الدولة ولا يعارضونها.

*في ظل ما تعانيه نيجيريا وغيرها من الدول الإفريقية من حملات تنصير لا تتوقف أبدا هل يمكن أن تكون الطرق الصوفية حائط صد لمواجهة هذه الحملات؟

لا يمكن أبدا، بل هم السبب الرئيسي لانتشار المسيحية في نيجيريا، الجهود الدعوية المناهضة للتنصير تقودها الجمعيات السنية والسلفية والإخوانية وإن وجدت بينهم فمن العناصر المعتدلة قل ما تجد بينهم من يعتقد هذه العقائد الباطلة.


*يقول شيخ الطريقة التيجانية بنيجيريا المريد في الطريقة التيجانية بين يد شيخه في توجيهه ليطبق عليه قواعد الإسلام حتى تظهر في سلوكه، ويكون كالمريض في يد الطبيب، والتلميذ عندما يقيد نفسه في يد شيخ مسلم، ويجب عليه أن يستسلم له، فيما يوجهه إليه، فما رأيك في ذلك؟

أنا لا أعرف قواعد الإسلام الذي يذكرها، ولكن أعرف أن المريد عند شيخه كالعبد بل أذل منه، هؤلاء الشيوخ يدعون أن للآيات القرآنية تفاسير باطنية غير ظاهرية، وكذلك – حسب زعمهم – للأحاديث النبوية وللأحكام الشرعية معاني باطنية لا يعلمها عالم ..لا ابن تيمية ولا ابن قيم .. وإنما يعلمها شيوخهم فقط، فكتب التفسير المعروفة في الإسلام مثل تفسير ابن كثير والطبري وغيرهما ناقصة أو جاهلة لاهتمام هذه الكتب بالظواهر لا بالبواطن التي هي الحقيقة، فمثل هذه الأكاذيب الهراء والافتراءات يأخذها المريد من شيخه وهي عقيدته وإيمانه.

*التصوف في نيجيريا إلى زوال أم إلى ازدهار؟ وكم عدد الطرق الصوفية ونيجيريا؟ وبكم تقدر أتباع هذه الطرق؟

الطرق الصوفية كثيرة جدا ومنتشرة في جميع المدن الرئيسية والقرى في نيجيريا سواء في الشمال أو في الجنوب، ففي الشمال النيجيري هم أكثر من السنة بكثير، ولكن في الجنوب يوجد تنظيمات وتجمعات سنية تعمل بجد في محاربة البدع والخرافات بالأساليب الحديثة السلمية، ومن أكبر هذه التنظيمات تنظيم جماعة " تعاون المسلمين" ومجلس أهل السنة والجماعة وغيرهما، ولكن إمكانيات هذه التنظيمات ضعيفة جدا، فهم لا يحصلون على أي دعم مالي وثقافي من دول السنة.
لقد كنا نردد أن السعودية لو قدمت نصف ما قدمته ايران دعما للدعوة الإسلامية الصحيحة لأثمرت هذه المساعدة أكثر ولانتهت هذه الطرق كما انتهت فرقة الأحمدية عندما قدمت المملكة العربية السعودية دعما ماديا وعلميا وإعلاميا لمناهضي هذه الفرقة وذلك في الستينات والسبعينات من القرن الماضي كما أننا في هذه الفترة نجحنا في جنوب نيجيريا في دحر التشيع الذي دخل علينا في صورة ثورة الإصلاح والتحرر والجهاد ولإقامة الدولة الإسلامية، فللدعم السعودي الدور الرئيسي لنجاحنا، لذلك لا تجد الآن الشيعة في الجنوب، وإن كانت مشكلة الجنوب تنحصر في التنصير والتغريب والإباحية والأمية في حين يعاني المسلمون في الشمال من التنصير والتشيع والتصوف.

*هل ترى هناك تقصير من أبناء السنة في تبصير أبناء هذه الطرق وتعريفهم بصحيح الإسلام؟ وما الخطوات التي يجب أن يتخذوها لنشر صحيح الإسلام؟

هناك تقصير بلا شك، فعدد كثير من مناهضي التصوف والتشيع والتنصير اختفوا من الساحة النيجيرية ولاسيما في عهد الرئيس المسيحي السابق نتيجة للضغوط الخارجية والاتهامات الباطلة ونتيجة لقطع المساعدات الإسلامية عن العمل الدعوي والتعليمي في نيجيريا، ولم يبق في الساحة الا القليل.
أما عن الخطوات التي يجب أن تتخذ لنشر صحيح الإسلام ومواجهة هذه الطرق الباطلة والتشيع والتنصير والأمية التي تنتشر بشكل ملفت في الشمال والجنوب فبالتأكيد لن يكون ذلك إلا عبر العمل الدعوي وهو ما يحتاج إلى الدعم المالي والثقافي.
كذلك فإننا نفكر ونعمل الآن جديا على إنشاء وتأسيس بعض ما يمكن أن يكون وسائل ذات جدوى لمواجهة هذه التحديات التي تهدد مستقبل الإسلام في الدولة ومن ذلك إيجاد الإذاعة الإسلامية وتأسيس المكتبة الإسلامية التي تملأ بالمراجع الإسلامية وتأسيس الأستوديو الإسلامي للتسيجيلات ونشر الأشرطة الإسلامية وتأسيس المطبعة الإسلامية لطباعة ونشر الكتب والمجلات وغيرهما وإنشاء مؤسسة اسلامية خيرية لمساعدة ذوي الحاجة والفقراء ورعاية الأيتام والأرامل وغيرهم إذ أنه لا يوجد في الجنوب النيجيري أية مؤسسة مما سبق ذكره وهو ما يدفعنا إلى أن ندعو العالم الإسلامي والمؤسسات الخيرية والمحسنين من جديد إلى مد يد العون إلينا في الجنوب والشمال في أسرع وقت ممكن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق