الاثنين، 3 مارس 2014

كي نكون مباركين!

كي نكون مباركين!


محمد بن عبد الله المقدي
Almagdy3@gmail.com


 
في صيف 2007م في مدينة طابا التي بناها الحاج أحمدو بمبا في السنغال، زرت تلك المدينة الصغيرة البعيدة عن كل تحضر ومدنية، أخبرني محدثي أن تربة هذه المدينة تربة مباركة، تشفي المرضى، وتعين على نوائب الدهر، وعلى ضفاف الأطلسي جزيرة صغيرة بها قبر سيدي عبد الرحمن الذي ببركته تحمل النساء فتراهن هنالك زرافات ووحدانًا، وقبر مشهور في باكستان ببركة تربته تتزوج العذارى، والمناجي في اليمن ينجي الحمل من الموت كما يدّعون، ورأيتُ حليق اللحية والدين في البوسنة والهرسك يمسح على أجساد الرجال والنساء...! داخل ثيابهم وثيابهن بحجة أن يده مباركة باركتها السماء.
أحد الوجهاء زار رجلًا ينتسب للصلاح قال: "أجلسوني بجانب ذاك الرجل" وبينما هو يتحدث إذ به يتنخم ويلقي نخامته قريبًا من الحضور في مشهد مقزز، وإذ بالطلبة يتقافزون على تلك النخامة فيتمسحون بها، يقول الوجيه: "وحينما أجفلت من هذا المشهد إذ برجل عن يميني يغمزني مسرًّا في أذني: لا تخف الشيخ سيعطيك واحدة خاصة"!!
بخور وأدخنة ورقص مختلط وهمهمات تعلو وتخفت تتبين منها كلمة "حي" يخبرونك أن هذا الرجل مبارك يتمسحون به، ويشربون ما فضل من شرابه، ويأكلون ما بقي من طعامه، يمسحون بريقه أبشارهم، كَلِمَه وصَمتَه مبارك، فإذا مات تتابعت البركات على قبره، يحيا الناس على قصصه وعجائبه، تدبج فيه القصائد، وفي مولده تقام الموائد، وتزدحم الولدان والشيبان، الإناث والولائد، صناديق النذور تنتظرهم مهللة لاستقبال ما فضل من أقواتهم ينحرون بجانبه النحائر تقف أمامه العوانس والمطلقات والبائس الفقير وذا الشيبة المسكين؛ يرجون أن ينالوا بركة من بركات الشيخ!
على الضفة الأخرى ثمت من يغالي في منع هذه المعاني ويرفضها بحجة الدروشة.
وثالث منشغل عنها جهلًا بها وبأهميتها؛ فقَلَّت البركات في الأموال والأولاد والأرزاق.
هذه الصورة التي تلتقطها عدستك بحجم دقتها وبحجم سعة العالم الإسلامي لتنبي عن ظلال واسع في هذا المفهوم العظيم، وإن المرء ليبدهه مدى الظلال... وغزارة النصوص الشرعية الدالة عليه!

البركة من الله:

الله تعالى هو مصدر كل خير وبركة بيده ملكوت كل شيء وهو على كل شيء قدير، النفوس إليه تصير والقليل عنده كثير، عطاؤه مبارك، ورزقه عميم يده لا تغيض بالنفقة بل تفيض بالإحسان.
كان صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى صلاة الليل ينادي ربه تبارك وتعالى قائلًا في دعاء طويل: (لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك) [1].
يقول الله تعالى: ((أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)) [الأعراف: ٥٤]، ويقول: (( فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ)) [المؤمنون: ١٤].
ويقول: ((تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا)) [الفرقان: ٦١].
فالله تعالى هو مصدر البركات والخيرات لـ"دوام جوده، وكثرة خيره، ومجده وعلوه، وعظمته وتقدسه، ومجيء الخيرات كلها من تبريكه على ما شاء من خلقه"[2].
وجعل بيته مباركًا تنمو فيه الحسنات وتزيد في جنباته و"تضاعف العمل فيه فالبركة كثرة الخير"[3] ((إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)) [آل عمران: ٩٦].
خلق الله السماوات والأرض ببركته: ((إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)) [الأعراف: ٥٤]، وجعل الله للمؤمنين في السماء بركة تظلهم وفي الأرض بركة تعينهم إذا اتقوه: ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)) [الأعراف: ٩٦]، (فبركات السماء المطر، وبركات الأرض النبات والثمار، وجميع ما فيها من الخيرات والأنعام والأرزاق، والأمن والسلامة من الآفات، كل ذلك من فضل الله وإحسانه على عباده)[4].
أهبط الله نوحًا ببركته: ((قِيلَ يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ)) [هود: ٤٨].
وأدلَّ عيسى عليه السلام بأن جعله الله مباركًا فقال: ((وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ)) [مريم: ٣١].
قال ابن عيينة: ((مُبَارَكًا)) "معلمًا للخير"[5].
وقال التستري: ((مُبَارَكًا)) "آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر، وأرشد الضال، وأنصر المظلوم، وأغيث الملهوف"[6].
وآل ابراهيم مباركون بمباركة الله لهم: ((رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ)) [هود: ٧٣].
والمؤمنون يسألون الله أن تحل البركة عليهم حينما يلتقون: ((فَسَلِّمُوا عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً)) [النور: ٦١].
سمى الموضع الذي كلم فيه موسى عليه السلام مباركًا ((فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ)) [القصص: ٣٠]، وسمى شجرة الزيتون مباركة ((يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ)) [النور: ٣٥]، لكثرة منافعها، وسمى المطر مباركًا ((وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا)) [ق: ٩]، لما فيه من المنافع، وسمى ليلة القدر مباركة (( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ)) [الدخان: ٣]؛ فالقرآن ذكر مبارك أنزله ملك مبارك في ليلة مباركة على نبي مبارك لأمة مباركة[7].

القرآن..الكتاب المبارك:

القرآنُ العظيم كلام الله تعالى وصفة من صفاته كثيرُ الخيراتِ واسِع المبرّات، كتابٌ مبارَك محكَم، فَصلٌ مهيمِن، أنزله الله رحمة وشِفاءً وبيانًا وهُدى، وصفه الله تعالى بالبركة في أربعة مواضع ((وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ)) [الأنعام: ٩٢] ، وقال سبحانه: (وَهَٰذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)) [الأنعام: ١٥٥]، وقال سبحانَه: ((وَهَٰذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ)) [الأنبياء:٥٠]، وقال سبحانه: ((كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)) [ص: ٢٩]، وسورَةُ البقرة سورَة مبارَكة، مأمورٌ بتعلّمها، قالَ عليه الصلاة والسلام: (تعلَّموا سورةَ البقرةِ، فإنّ أخذَها برَكَة، وتركَها حَسرة، ولا تستطيعُها البطَلَة) أي: السّحرة[8].
فالله تعالى: (أنزله مباركًا، فيه الخير الكثير، والعلم الغزير، والأسرار البديعة، والمطالب الرفيعة، فكل بركة وسعادة تنال في الدنيا والآخرة، فسببها الاهتداء به واتباعه)[9].
و(القرآن مبارك لأنه يدل على الخير العظيم، فالبركة كائنة به، فكأن البركة جعلت في ألفاظه، ولأن الله تعالى قد أودع فيه بركة لقارئه المشتغل به بركة في الدنيا وفي الآخرة، ولأنه مشتمل على ما في العمل به كمال النفس وطهارتها بالمعارف النظرية ثم العملية؛ فكانت البركة ملازمة لقراءته وفهومه)[10].
(إنه مبارك بكل معاني البركة، إنه مبارك في أصله، باركه الله وهو ينزله من عنده، ومبارك في محله الذي علم الله أنه له أهل، قلب محمد الطاهر الكريم الكبير، ومبارك في حجمه ومحتواه، فإن هو إلا صفحات قلائل بالنسبة لضخام الكتب التي يكتبها البشر، ولكنه يحوي من المدلولات والإيحاءات والمؤثرات والتوجيهات في كل فقرة منه ما لا تحتويه عشرات من هذه الكتب الضخام، في أضعاف أضعاف حيزه وحجمه! وإن الذي مارس فن القول عند نفسه وعند غيره من بني البشر وعالج قضية التعبير بالألفاظ عن المدلولات، ليدرك أكثر مما يدرك الذين لا يزاولون فن القول ولا يعالجون قضايا التعبير، أن هذا النسق القرآني مبارك من هذه الناحية.
وأن هنالك استحالة في أن يعبر البشر في مثل هذا الحيز ـ ولا في أضعاف أضعافه ـ عن كل ما يحمله التعبير القرآني من مدلولات ومفهومات وموحيات ومؤثرات! وأن الآية الواحدة تؤدي من المعاني وتقرر من الحقائق ما يجعل الاستشهاد بها على فنون شتى من أوجه التقرير والتوجيه شيئًا متفردًا لا نظير له في كلام البشر، وإنه لمبارك في أثره، وهو يخاطب الفطرة والكينونة البشرية بجملتها خطابًا مباشرًا عجيبًا لطيف المدخل ويواجهها من كل منفذ وكل درب وكل ركن فيفعل فيها ما لا يفعله قول قائل، ذلك أن به من الله سلطانًا.
وليس في قول القائلين من سلطان! ولا نملك أن نمضي أكثر من هذا في تصوير بركة هذا الكتاب، وما نحن ببالغين لو مضينا شيئًا أكثر من شهادة الله له بأنه "مبارك" ففيها فصل الخطاب! (( مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ)))[11].

محمد صلى الله عليه وسلم... النبي المبارك:

مرت الإنسانية بفترة طويلة بعد رفع عيسى عليه السلام إلى السماء، وانطفأ نور رسالته شيئًا فشيئًا حتى عم الظلام أرجاء الكون، وبات الناس يتخبطون في غيابات الجهل، تهوي بهم ريح الظلم في واد سحيق، ولم يبق في ساحات العالم وطرقاته إلا طيف قناديل واجمة لبقايا أهل كتاب هرعوا بها إلى رؤوس الجبال؛ في ذلك التاريخ المخيف، وليله الثقيل، والأرض تحيط بجيدها أيادي الموت، بزغ نور الفجر، وتراجع الليل يجر أذيال الهزيمة، فقطعت أيادي الظلم، وتساقطت الشرفات الزائفة، وكسر إيوان القهر، وأطفئت نيران العبودية، لذلك عد الزمان من خير الأزمان وأبركها على البشرية.
لقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم والعالم في ظلام دامس يكتنفه لجة سحيقة من الكفر والعصيان، اهتزت فيه أسس الدين وحرف الاعتقاد إلا بقايا من أهل الكتاب.
كان المشركون يعبدون الأصنام والأوثان ويجدون فيها السلوى: ((وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَىٰ)) [الزمر: ٣].
عُبدت الأشجار والأحجار والشمس والقمر والنجوم: ((وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) [يونس: ١٨].
لقد تغيرت القيم الإنسانية وأمست الفضيلة عيبًا، مجدت الوحشية وامتهنت الإنسانية وشاع الزنا ومعاقرة الخمور وانتشر القمار وكثر السلب والنهب، لقد كان وجه الأرض حافلًا بالمروق.
في هذا الجو البئيس بُعث النبي صلى الله عليه وسلم فتم عقد الهداية، وازدحمت الصفوف للإيمان به، ورفعت راية الله خفاقة، هدى الله به القلوب والعقول، أخرج الله به الناس من ظلمات الكفر إلى أنوار الإسلام، ومن حمأة الرذيلة إلى زينة الفضيلة، ومن التفرق إلى الاجتماع، من الجوع واللأواء إلى السعة والغناء، تحول الصعاليك أتباع الكلأ رعاة الغنم إلى فقهاء علماء، كانت الأمة عربية مقودة فأصبحت مسلمة قائدة تتبعها الأمم، هل ثمة رجل أعظم بركة على بني قومه من محمد صلى الله عليه وسلم؟
أخذ الله من النبيين الميثاق ليؤمنوا به وينصرونه: ((وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)) [آل عمران: ٨١]،، وبشر به في الكتب السابقة (( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ)) [الأعراف: ١٥٧]، وحُرست السماء من مسترقي السمع إبان بعثته ((وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا)) [الجن: ٨ - ٩]،، وحفظ ووقي من أن يصله سوء ((وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)) [المائدة: ٦٧].
وأسري به إلى بيت المقدس ليرى آيات الله (( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)) [الإسراء: ١]، الَّذِي جَعَلْنَا حَوْلَهُ الْبَرَكَةَ لِسُكَّانِهِ فِي مَعَايِشِهِمْ وَأَقْوَاتِهِمْ وَحُرُوثِهِمْ وَغُرُوسِهِمْ[12].
قاتلت الملائكة معه ((إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا)) [الأنفال: ١٢].
وأتاه الكتاب وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب ((الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ)) [الأعراف: ١٥٧]، والقمر ينشق تصديقًا له ((اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ)) [القمر: ١].
وخُتمت به النبوات ((مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَٰكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ)) [الأحزاب: ٤٠].
بُعث رحمة للعالمين ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)) [الأنبياء: ١٠٧].
أقسم الله بحياته، وبكتابه، وببلده الذي ولد ونشأ فيه، وبخلقه العظيم، ((لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)) [الحجر: ٧٢].. ((يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)) [يس: ١ - ٣].. ((لَا أُقْسِمُ بِهَٰذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَٰذَا الْبَلَدِ)) [البلد: ١ - ٢].. ((وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)) [القلم: ٤].
قال ابن حزم رحمه الله: (من أراد خير الآخرة، وحكمة الدنيا، وعدل السيرة، والاحتواء على محاسن الأخلاق كلها، واستحقاق الفضائل بأسرها، فليقتد بمحمد صلى الله عليه وسلم، وليستعمل أخلاقه وسيره ما أمكنه، أعاننا الله على الاتساء به.. آمين)[13].
إن أعظم بركاته عليه الصلاة والسلام هي هذا الدين المبارك، (فهدى الله الناس ببركة نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، وبما جاء به من البينات والهدى، هداية جلت عن وصف الواصفين، وفاقت معرفة العارفين، حتى حصل لأمته المؤمنين عمومًا، ولأولي العلم منهم خصوصًا، من العلم النافع، والعمل الصالح، والأخلاق العظيمة، والسنن المستقيمة، ما لو جمعت حكمة سائر الأمم، علمًا وعملًا، الخالصة من كل شوب، إلى الحكمة التي بعث بها، لتفاوتا تفاوتًا يمنع معرفة قدر النسبة بينهما، فلله الحمد كما يحب ربنا ويرضى)[14].
وقد خُص نبينا صلى الله عليه وسلم ببركات حسية في جسده الشريف كنبع الماء من بين أصابعه[15]، وتكثير الطعام له صلى الله عليه وسلم [16].
وإبراؤه المرضى وذوي العاهات كما في قصة علي بن أبي طالب حين تفل في عينه فبرئت[17]، وقصة عبد الله بن عتيك حين كسرت رجله فمسح عليها فبرأت[18] رضي الله عنهما.
ومن بركته إجابة الله لدعائه، وبركة النبي صلى الله عليه وسلم ذاتية فيتبرك بشعره وريقه وعرقه ولبسه وثيابه وبمواضع أصابعه وبفضل شربه وبماء وضوئه في حياته وبعد مماته، كل ذلك مشروع التبرك به منصوص على فعل الصحابة له.
مع هذه البركة العظيمة لنبينا المبارك هل يصح أن نقيس عليه شيخ خامل في متاهات التاريخ والجغرافيا بحجة الصلاح فيُدَّعى في ريقه وعرقه وما فضل من بدنه ما يشرع فعله مع النبي صلى الله عليه وسلم! اللهم لا، إنه قياس مع الفارق!

معنى البركة في الشريعة:

إن البركة في الشريعة لها معنيان:
  1. ثبوت الخير ودوامه قال تعالى: ((لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)) [الأعراف: ٩٦]. وقال تعالى: ((وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا)) [الأعراف: ١٣٧]، قال ابن جرير: "أي: التي جعلها فيها الخير ثابتًا دائمًا لأهلها"[19].
  2. كثرة الخير وزيادته ومنه قوله تعالى: ((إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا)) [آل عمران: ٩٦] قال القرطبي: (جعله مباركًا لتضاعف العمل فيه فالبركة كثرة الخير)[20]، وقال تعالى: ((وَهَٰذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ)) [الأنبياء: ٥٠]، قال الشنقيطي: (أي: كثير البركات والخيرات لأن فيه خير الدنيا والآخرة)[21].
قال الراغب الأصفهاني: (والبركة: ثبوت الخير الإلهي في الشيء، قال تعالى: ((لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)) [الأعراف: ٩٦]، وسمّي بذلك لثبوت الخير فيه ثبوت الماء في البركة، والمُبَارَك: ما فيه ذلك الخير، على ذلك: ((وَهَٰذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ)) [الأنبياء: 50] تنبيهًا على ما يفيض عليه من الخيرات الإلهية، وقال: ((كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ)) [الأنعام: 155]، وقوله تعالى: ((وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا)) [مريم: 31]، أي: موضع الخيرات الإلهية)[22].
إن كثرة النصوص في موضوع البركة وتنوعها وشمولها لمناحي عدة لتشي بأهمية هذا المعنى الشرعي ورسوخه، وضرورة الاحتفاء به، ولكن الناظر إلى الواقع يشعر بضد ذلك لقلة تداوله كفهم شرعي وضعف ممارسته كسلوك إيماني ولأجل ذا قَلَّت البركات في العلم والعمل.
إن تلمس البركات سائغ في الشريعة، مشروع إتيانه في كل ما نصت على صحة التبرك به والمتتبع يلمس انجفالًا عن هذا المعنى مع أهميته وتواتر النصوص عليه ولعل هذا الإغفال له ثلاث علل:
أولاها: ضعف تلقي وتبليغ العلم الشرعي وهذه علة عامة تعتور جملة من الأحكام الشرعية.
ثانيها: أن هذا المعنى المبارك تداوله فئة ممن زين لهم الشيطان سوء أعمالهم فأحالوا المشروع من طلب البركة إلى تبرك ممنوع، عقيدة وممارسة، فأحالوا الرغبة في المشروع إلى رهبة من الوقوع في الممنوع، واجتالوا هذا المعنى الشرعي إلى معاني باطلة؛ بل صار لفظ التبرك علمًا على غير المشروع ـ عند الجاهل ـ واستحالت السنة المباركة بدعة ضالة، وأذكر في هذا أن حوارًا في الشبكة عنون له بأن: (التبرك بدعة) هكذا في جملة واحدة!
وثالثها: الركون إلى الحياة المادية المدنية والانغماس في طلب المدد من الأرض والغفلة عن مدد السماء، حتى صار الحديث عن البركة دروشة ممجوجة.
إن المدنية المرهقة وثورة الجسد وسباق انقضاء الأوقات والأموال والأولاد وهزال الروح وتتابع التشكيك في المعاني الشرعية؛ يوجب صيانة المعاني الشرعية وتجسيرها ورفع منارتها، سيما وقد اجتالت الشياطين كثيرًا منها وأحالتها من معناها الشرعي المبارك إلى فهوم ضيقة مجتزئة.
لقد تتابع على بني الإنسان حروب أهلكت الحرث والنسل ونالت من دينه ويقينه، وأمسى الحديث عن الغيوب نوع من العبث والتهويم عند المتخرصين، ولذا وجب إيناس المتقين، وتثبيت المترددين، وإقامة الحجة على المنكرين بترداد معاني الشريعة.
إن من طبيعة البشر حب الزيادة والكثرة والنماء في الأبدان والأموال والذرية وهي طبيعة بشرية لا تذم من حيث هي فقد (( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ)) [آل عمران: 14] شهوات ونساء وبنين وقناطير الذهب والفضة وخيول ونعم وحرث كلها جاءت على جهة الجمع والبشر مجبولون على حبها والاستكثار منها، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ، فَنَادَاهُ رَبُّهُ: يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى؟ قَالَ: بَلَى وَعِزَّتِكَ وَلَكِنْ لاَ غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ)[23].
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك رضى الله عنه فقال: (اللهمّ أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته)، وحب المال فطرة إنسانية قال تعالى: ((وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا)) [الفجر:20]، والتكاثر المذموم هو الملهي المطغي قال الله تعالى: ((أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ)) [التكاثر: 1].
أما (مطلق التكاثر فليس بمذموم، بل التكاثر في العلم والطاعة والأخلاق الحميدة هو المحمود، وهو أصل الخيرات)[24].
فالتكاثر المذموم في القرآن هو المنسوب للبشر الذين يغلب عليهم الظلم، والجهل، والقتور، والكنود قال الله تعالى: ((نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ)) [البقرة: 100].. ((مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ)) [آل عمران: 110].. ((يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ)) [المائدة: 103].
(فالنفوس الشريفة العلوية ذات الهمم العالية إنما تُكاثر بما يدوم عليها نفعه وتكمل به وتزكو وتصير مفلحة، فلا تحب أن يكثرها غيرها في ذلك وينافسها في هذه المكاثرة ويسابقها إليها، فهذا هو التكاثر الذى هو غاية سعادة العبد وضده تكاثر أهل الدنيا بأسباب دنياهم، فهذا تكاثر مُلْهٍ عن الله والدار الآخرة هو صائر إلى غاية القلة، فعاقبة هذا التكاثر قَلٌّ وفقر وحرمان)[25].
فحب الزيادة والنماء في الخير مجبول عليه الإنسان مع سعته، فإذا ادلهمت عليه الخطوب كان أحوج ما يكون إليه، ولذا شاع طلب الخير والنماء بطرق خفية ليس على قانون الأسباب المعتاد، فالمؤمن يطلبها من الطرائق الشرعية ومن كان دون ذلك تطلبها بطرق غير مشروعة، ولذا سمت الشريعة طلب النماء من غير قانونها المعتاد بركة وتبركًا، فتمر العجوة ليس بذي تأثير مباشر في المس والسحر على جهة الظاهر، وماء زمزم يروي الظمأ ولا يشبع الجائع، والأصابع الشريفة للنبي الكريم لا تنبع ماءً، والطعام القليل لا يكفي الكثرة الكاثرة، والبكور ليس بذي مزية عن الغروب ولكنه مبارك، ووسط الطعام مبارك كثير خيره بالنص النبوي لا بالنظر الظاهر، فما ثمة مزية على حواف صحفة الطعام، والاستغفار يجلب الرزق بنص القرآن وما ثمة ارتباط ظاهر، ولكنها البركة في كل ما تقدم أحالته عن صفته المعتاد.
ونظرًا لخروج التبرك عن القانون المعتاد وجب قصره على ما نصت الشريعة عليه، فالبركة فرع عن الإيمان بالغيب وقد امتدح الله تعالى المؤمنون بالغيب فقال: ((هُدًى لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ)) [البقرة: 2-3].. ((إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ)) [الملك: 12].
وها هنا أذكر جملة صالحة مما يصح التبرك به:
1- ملازمة الإيمان والتقوى سبب لتحصيل البركة ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ)) [الأعراف: 96].
2- التبرك بالأماكن والأزمان التي نصت الشريعة على بركتها ومنها:
فمن أ / الأماكن:
  1. المسجد الحرام: ((إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ)) [آل عمران: 96].
    وعَنْ جَابِرٍ رضى الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلاَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، وَصَلاَةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِئَةِ أَلْفِ صَلاَةٍ)[26].
  2. المسجد النبوي: عن أبي هريرة رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام)[27].
    والبركة والخير حالة: عن عبد الله بن زيد المازني رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة)[28].
  3. المسجد الأقصى: (( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)) [الإسراء: 1][29].
  4. المساجد مباركة: عن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده)[30].
  5. المدينة النبوية ففي سكناها خير وبركة: عن أنس رضى الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة)[31].
    والبركة في مدها وصاعها ومكيالها: عن أبي هريرة أنه قال: (كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا).
  6. بلاد الشام سكناها يجلب البركة: يقول الله تعالى: ((وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا)) [الأعراف: 137].. ((وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ)) [الأنبياء: 71].. ((وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ)) [الأنبياء: 81].
    (وبركتها دينية ودنيوية، فهي مقر الأنبياء ومهبط الملائكة، وبركتها الدنيوية بكثرة الثمار والأقوات والخصب والرزق)[32].
    ودعا النبي صلى الله عليه وسلم للشام بالبركة فقال: عن ابن عمر قال: (اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا. قال: قالوا: وفي نجدنا؟ قال: قال: اللهم بارك لنا في شامنا وفي يمننا. قال: قالوا: وفي نجدنا؟ قال: قال: هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان)[33].
  7. اليمن وقد دعا لها النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة كما تقدم.
ب/ الأزمان فتدرك بركتها بموالات الخيرات وعمران الأوقات فيها.
  1. ومن أعظم الأزمان المباركة رمضان وعشره الأخيرة، وليلة القدر، (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).. (من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).. (من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
  2. والعشر من ذي الحجة وخيرها يوم عرفة: ((وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ)) [الفجر: 1-2].
    عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (مَا الْعَمَلُ فِي أَيَّامٍ أَفْضَلَ مِنْهَا فِي هَذِهِ. قَالُوا: وَلَا الْجِهَادُ؟ قَالَ: وَلَا الْجِهَادُ إِلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخَاطِرُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ)[34].
    عن أبي قتادة الأنصاري رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: (يكفر السنة الماضية والباقية)[35].
  3. ويوم عاشوراء: عن أبي قتادة الأنصاري رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: (يكفر السنة الماضية)[36].
  4. ويوم الجمعة: أبو هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أخرج منها)[37].
    عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوم الجمعة فقال: (فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله تعالى شيئًا إلا أعطاه إياه. وأشار بيده يقللها)[38].
  5. ويومي الاثنين والخميس: عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا.. أنظروا هذين حتى يصطلحا)[39].
  6. وقت النزول الإلهي في كل ليلة في ثلث الليل الآخر: عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر يقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟)[40].
  7. أكلة السحور: أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تسحروا فإن في السحور بركة)[41].
ج/ التبرك بالمطعومات والمشروبات والمركوبات وهيئات الطعام:
  1. تمر العجوة: عَامِرُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَصَبَّحَ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعَ تَمَرَاتٍ عَجْوَةً لَمْ يَضُرَّهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ سُمٌّ وَلَا سِحْرٌ)[42].
  2. ماء زمزم: قال أبو ذر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنها مباركة؛ إنها طعام طعم)[43].
  3. زيت الزيتون: عن أبي أسيد قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (كلوا الزيت وادهنوا به؛ فإنه من شجرة مباركة)[44].
  4. اللبن: سَمِعْتُ عَائِشَةَ، تَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أُتِيَ بِلَبَنٍ، قَالَ: (بَرَكَةٌ أَوْ بَرَكَتَانِ)[45].
  5. التمر: عن سلمان بن عامر رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أفطر أحدكم، فليفطر على تمر، فإنه بركة، فإن لم يجد فليفطر على ماء، فإنه طهور)[46].
  6. النخل: عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: بينا نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم جلوس إذ أتي بجمار نخلة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من الشجر لما بركته كبركة المسلم). فظننت أنه يعني النخلة، فأردت أن أقول هي النخلة يا رسول الله، ثم التفت، فإذا أنا عاشر عشرة أنا أحدثهم فسكت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هي النخلة)[47].
  7. الخيل: عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البركة في نواصي الخيل)[48].
  8. الغنم: عَنْ أُمِّ هَانِئٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا: (اتَّخِذِي غَنَمًا فَإِنَّ فِيهَا بَرَكَةً)[49].
  9. الاجتماع على الطعام والتسمية: حَدَّثَنِي وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالُوا: (يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّا نَأْكُلُ وَلاَ نَشْبَعُ، قَالَ: فَلَعَلَّكُمْ تَفْتَرِقُونَ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ)[50].
  10. الأكل من جوانب الإناء: عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البركة تنزل وسط الطعام فكلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه)[51].
  11. لعق الأصابع بعد الأكل ولعق إناء الطعام وأكل اللقمة الساقطة: عن أنس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعامًا لعق أصابعه الثلاث قال: وقال: إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان)، وأمرنا أن نسلت القصعة قال: (فإنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة)[52].
د/ أخرى:
  1. الصدق في التعامل: حكيم بن حزام رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو قال حتى يتفرقا؛ فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما))[53].
    سخاء النفس في طلب المال: حكيم بن حزام رضى الله عنه قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: يا حكيم! إن هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع اليد العليا خير من اليد السفلى.
    قال حكيم: فقلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدًا بعدك شيئًا حتى أفارق الدنيا. فكان أبو بكر رضى الله عنه يدعو حكيمًا إلى العطاء فيأبى أن يقبله منه، ثم إن عمر رضى الله عنه دعاه ليعطيه فأبى أن يقبل منه شيئًا، فقال: عمر إني أشهدكم يا معشر المسلمين على حكيم، إني أعرض عليه حقه من هذا الفيء فيأبى أن يأخذه. فلم يرزأ حكيم أحدًا من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفي)[54].
  2. البكور في طلب الرزق: عن صخر الغامدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)[55].
    البر والإنفاق؛ صدقةً وزكاةً، قال الله تعالى: ((وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ)) [الروم: 39]، وقال: ((يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ)) [البقرة: 276]، وقال: (( وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)) [سـبأ: 39]، وقد ثبت في الحديث القدسي عند مسلم قول الله تعالى: (يا ابن آدم أنفق، أنفق عليك)، واتفق الشيخان على حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكًا تلفًا).
  3. صلة الرحم، التي قطعها كثير من الناس لأجل الدنيا وكسبها، فقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من أحب أن يُبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه) وبسط الرزق: توسيعه وتكثره أو البركة فيه.
  4. التوكل على الله، وهذا من تمام التعلق به وتوحيده، فالمرء يبذل أسباب الرزق، ثم لا يتعلق بها أو بمن جعله الله سببًا لها، بل بمسدي النعمة سبحانه وتعالى، وقد روى الإمام أحمد والترمذي وصححه حديث الفاروق عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لو أنكم كنتم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا وتعود بطانًا).
  5. العيدين: والذي يبدؤه الناس بصلاة العيد يشكرون الله فيها على ما أعطاهم من نعمه الكثيرة فيبارك لهم في هذه النعم ويزيدها وينميها لهم، ولذلك تقول أم عطية رضي الله عنها قالت: (كنا نُؤْمَرُ أن نَخرُجَ يومَ العيدِ، حتى نُخْرِجَ الْبِكرَ مِن خِدرِها، حتى نُخرجَ الْحيّضَ فيَكنّ خلفَ الناسِ فيُكبّرْنَ بتكبيرِهم ويَدْعونَ بدُعائهم، يَرجونَ بَرَكةَ ذلكَ الْيَومِ وَطُهرَتَهُ)[56].
  6. الدعاء بعد الطعام: عن أبي أُمامةَ رضى الله عنه، أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رَفَعَ مائدته قال: (الحمدُ لله كثيرًا طيِّبًا مُباركًا فيه، غير مَكفِيّ ولا مُودَّع ولا مُستَغنىً عنه ربّنا)[57].
    وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: دخلت أنا وخالد بن الوليد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ميمونة بنت الحارث، فقالت: ألا نطعمكم من هدية أهدتها لنا أم غفيق؟ قال: فجيء بضبَّيْن مشويّين، فتبرق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له خالد: كأنك تقذره؟ قال: أجل، قالت: ألا أسقيكم من لبن أهدته لنا؟ فقال: بلى، قال: فجيء بإناء من لبن، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عن يمينه وخالد عن شماله فقال لي: الشربة لك، وإن شئت آثرت بها خالدًا، فقلت: ما كنت لأوثر بسؤرك علي أحد، فقال: من أطعمه الله طعامًا فليقل: (اللهم بارك لنا فيه، وأطعمنا خيرًا منه، ومن سقاه الله لبنًا فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، فإنه ليس شيء يجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن)[58].
    عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ قَالَ: نَزَلَ رَسُولُ اللهِ عَلَى أَبِي قَالَ: فَقَرَّبْنَا إِلَيْهِ طَعَامًا وَوَطْبَةً، فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ أُتِيَ بِتَمْرٍ فَكَانَ يَأْكُلُهُ وَيُلْقِي النَّوَى بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ، وَيَجْمَعُ السَّبَّابَةَ وَالْوُسْطَى قَالَ شُعْبَةُ: هُوَ ظَنِّي، وَهُوَ فِيهِ، إِنْ شَاءَ اللهُ، إِلْقَاءُ النَّوَى بَيْنَ الإِصْبَعَيْنِ، ثُمَّ أُتِيَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الَّذِي عَنْ يَمِينِهِ، قَالَ فَقَالَ أَبِي، وَأَخَذَ بِلِجَامِ دَابَّتِهِ: ادْعُ اللهَ لَنَا، فَقَالَ: (اللهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مَا رَزَقْتَهُمْ، وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ)[59].
  7. الدعاء للزوجين: عَنْ عَقِيلِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضى الله عنه، أَنَّهُ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ بَنِي جُشَمٍ، فَقَالُوا: بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ، فَقَالَ: لاَ تَقُولُوا هكَذَا، وَلكِنْ قُولُوا كَمَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: (اللهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ، وَبَارِكْ عَلَيْهِمْ)[60].
    وعنْ أبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه، أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ إِذَا رَفَّأَ الإنْسَانَ إذَا تَزَوَّجَ قالَ: (بَارَكَ الله لك، وبَارَكَ عَلَيْكَ، وَجَمَعَ بَيْنَكُمَا في الْخَيْرِ)[61].
  8. السلام على الأهل: عن أنس بن مالك رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم، يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك)[62].
  9. الحجامة: أخرج البيهقي وابن السني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحجامة على الريق أمثل، وفيه شفاء وبركة، وتزيد في العقل، وفي الحفظ، فاحتجموا على بركة الله يوم الخميس، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء والجمعة والسبت ويوم الأحد تحريًا، واحتجموا يوم الاثنين والثلاثاء، فإنه اليوم الذي عافى الله فيه أيوب من البلاء، واجتنبوا الحجامة يوم الأربعاء، فإنه اليوم الذي ابتلي فيه أيوب، وما يبدو جذام ولا برص إلا في يوم الأربعاء، أو في ليلة الأربعاء)[63].
[1] رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه (2/43)، مكتبة الصفا الطبعة الأولى 1424هـ.
[2] جلاء الأفهام، ص(180).
[3] القرطبي: 4/ 139.
[4] تفسير الخازن، 2/ 266.
[5] شرح صحيح البخارى، ابن بطال (1/ 133).
[6] تفسير القرطبي (11/ 103).
[7] مفاتيح الغيب، الشافعي، (2/ 265).
[8] رواه أحمد في مسنده، (22950).
[9] تفسير السعدي، 1/ 29.
[10] التحرير والتنوير: 6/ 217.
[11] في ظلال القرآن، 2/ 1147.
[12] تفسير الطبري (دار هجر): (14/ 448).
[13] ابن حزم - الأخلاق والسير في مداواة النفوس، 24.
[14] اقتضاء الصراط المستقيم- تحقيق العقل، 1/ 75.
[15] حاشية البخاري 4/ 170.
[16] حاشية البخاري ومسلم.
[17] رواه البخاري، (1077).
[18] رواه البخاري، (3813).
[19] الطبري، (9/ 43).
[20] القرطبي، (4/ 139).
[21] الأضواء، (4/ 587).
[22] مفردات القرآن، للراغب (1/ 119).
[23] صحيح البخاري، 1/ 78.
[24] مفاتيح الغيب، الشافعي، (32 / 270).
[25] عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، ص(162).
[26] مسند أحمد: 3/ 343.
[27] صحيح البخاري: 1/ 398، ومسلم 1394.
[28] صحيح البخاري 1/ 399، ومسلم رقم 1390.
[29] رواه مسلم (2/ 1000).
[30] صحيح مسلم 4/ 2074.
[31] صحيح البخاري: 2/ 666، ومسلم رقم 1369.
[32] انظر تفسير الطبري 15/ 17، وتفسير البغوي 3/ 62
[33] صحيح البخاري: 1/ 351.
[34] صحيح البخاري 4/ 34.
[35] صحيح مسلم: 6/ 56.
[36] صحيح مسلم: 6/ 56.
[37] صحيح مسلم 2/ 585.
[38] صحيح البخاري: 1/ 316، وأخرجه مسلم رقم 852.
[39] صحيح مسلم: 4/ 1987.
[40] صحيح البخاري: 1/ 384، وأخرجه مسلم 758.
[41] صحيح البخاري 2/ 678، وأخرجه مسلم رقم 1095.
[42] صحيح البخاري: 17/ 78.
[43] صحيح مسلم: 4/ 1919.
[44] سنن الترمذي: 4/ 285، قال الشيخ الألباني: صحيح لغيره.
[45] سنن ابن ماجه: 4/ 434.
[46] رواه أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه والدارمي، وصححه الألباني، ولم يذكر فإنه بركة غير الترمذي.
[47] صحيح البخاري: 5/ 2075.
[48] صحيح البخاري: 3/ 1048، وأخرجه مسلم رقم 1874.
[49] سنن ابن ماجه: 3/ 402.
[50] سنن أبي داود: 3/ 346.
[51] سنن الترمذي: 4/ 260، قال الشيخ الألباني: صحيح.
[52] صحيح مسلم: 3/ 1607.
[53] صحيح البخاري 2/ 732، وأخرجه مسلم رقم 1532.
[54] صحيح البخاري: 2/ 535، وأخرجه مسلم رقم 1035.
[55] سنن الترمذي 3/ 517، قال الشيخ الألباني: صحيح.
[56] صحيح البخاري.
[57] متفق عليه.
[58] أخرجه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن.
[59] أخرجه مسلم.
[60] أخرجه ابن ماجه وصححه الألباني.
[61] أخرجه الدارمي وابن حبان واللفظ لهما، والترمذي وقال: حَدِيثُ حسنٌ صحيحٌ.
[62] رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، وقال الألباني: حسن لغيره.
[63] حسنه الألباني في صحيح الجامع برقم 3169.

http://www.alsoufia.com/baraka/article_2.htm

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق