الاثنين، 3 مارس 2014

نظرة في أحوال بعض مشاهير المتصوّفة

( اعتقال العقل المسلم و دوره في انحطاط المسلمين ) 

للكاتب نبيل هلال هلال

التصوف


هل الصوفيون زهاد أبرار وعٌبَّاد أطهار أم زنادقة فجار ونصابون كفار ؟

التصوف عقيدة تختلف عن الإسلام جذرياً ولا تمت لديننا الحنيف بصلة، وإنما تدثر الصوفيون بدثار الإسلام استمالة للناس وخداعاً للعامة واجتذاباً للسلاطين وأولى الأمر واتقاء للفقهاء، ولتجنب الصدام مع صادقي الإيمان من المسلمين. 
ومن يطالع كتب الصوفيين التى سجلوا فيها ديانتهم وبهتانهم يكشف بيسر مدى ما هم عليه من ضلال وإفك مبين. ولما كان المرء مخبوءا تحت لسانه، فذلك قولهم، اسمع قول إبراهيم الدسوقي المدفون في دسوق : " أنا بيدي أبواب النار أغلقتها، وبيدي جنة الفردوس فتحتها، ومن زارني أسكنته جنة الفردوس" . ويقول : " لقد وليت القطبائية – أي أصبح قطباً – فرأيت المشرقيْن والمغربيْن وما تحت النجوم، وصافحت جبريل عليه السلام " . 
ويقول الحسن الشاذلي (شيخ المرسى أبى العباس) فى حزبه : (اللهم أدرج أسمائي تحت أسمائك، وصفاتي تحت صفاتك، وأفعالي تحت أفعالك، وأغنني حتى تغنى بي، وأحيني حتى تحيا بي) . تعالى الله عما يصفون . 
ويقول المرسى أبو العباس المدفون فى الإسكندرية : لو كٌشف عن حقيقة الولي لعٌبد، لأن أوصافه من أوصافه- أي أوصاف الله – ونعوته من نعوته . 
ويقول الصوفي الشهير أبو يزيد البسطامي : (طاعتك لي يا رب أعظم من طاعتي لك)، كما يقول (بطشي أشد من بطش الله بي، وذلك لما سمع قارئاً يقرأ (إن بطش ربك لشديد). وقال لبعض مريديه : (لأن تراني مرة خير لك من أن ترى ربك ألف مرة).
ويقول الشبلى : (ما فى الجبة إلا الله)، يقصد أنه هو الله .
ويقول الدسوقي : (إنني سددت أبواب جهنم السبع بفوطتي، وفتحتها لأعدائي وأدخلتهم فيها، وفتحت أبواب الجنة الثمانية بيدي، وأدخلت أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيها، وصنج الميزان بيدي أصيِّر حسنات مريدي أثقل من سيئاته، ومسستها بيدي فصارت سيئات المنكرين علىّ أثقل من حسناتهم ولو كانوا مطيعين) (5). أي أنه سيمارس الغش والتدليس في الآخرة وبين يدي الله تعالى يوم الحساب. وذلك قليل من كثير مما ورد في كتبهم قاتلهم الله .
واستأذن حياء القارئ وغيرته على الدين إذ استطرد،
" كان الصوفي ابن أبى الغراقيد وهو محمد بن على الشلمغانى، يعتقد أنه إله الآلهة، وقال إن الله تعالى حلَّ فى آدم وإبليس. وألًّف كتابه الحاسة السادسة صرَّح فيه برفض الشريعة وإباحة اللواط، وزعم أنه إيلاج نور الفاضل في المفضول، ولذا أباح أتباعٌه نساءهم له، طمعاً فى إيلاج نوره فيهن. 
وكان- قاتله الله – يسمىِّ محمداً صلى الله عليه وسلم، وموسى عليه السلام بالخائنيْن، زعماً منه أن هارون أرسل موسى، وأن علياً كرم الله وجهه أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم، فخاناهما. وحكم الفقهاء بقتله، فصلب في خلافه الراضي سنة 322 هجرية" (6). "وأن الحكمة أن يٌمتحن الناس بإباحة فروج نسائهم، وأنه يجوز أن يجامع الإنسان من شاء من ذوى رحمه، ورحم صديقه وابنه بعد أن يكون على مذهبه "(7).

ويقول ابن عربي وهو محيي الدين محمد بن على الأندلسي المعروف بالشيخ الأكبر والكبريت الأحمر وهو إمام الصوفيين، المولود سنة 560 هـ في مرسيه – بلد المرسى أبى العباس – يقول : (الرجل والمرأة صورتان من صور الله، يعنى حقيقته تتجلى في صورتي رجل وامرأة – تعالى الله علوا كبيراً عما يصفون – وفى حالة المواقعة يسمى الرجل فاعلاً والمرأة منفعلة) (8) .
ويقول ابن الفارض المعروف عند الصوفية باسم سلطان العاشقين، وقد ادعى الألوهية أيضاً كدأب أقطاب الصوفيين، قال في قصيدته المطوَّلة (حوالي 800 بيت) والمعروفة باسم التائية والتي يخاطب فيها الله تعالى بضمير المؤنث، قال: (إن لٌبْنَى وبثينة وعزَّة وليلى – عاشقات شهيرات – ما هن إلا الذات الإلهية تعينت في صورة الغواني العاشقات، وأن قيساً وجميلاً وكثيرِّ وعامرا، عشاق أولئك النسوة، ما هم إلا الذات الإلهية تعينت في صورة هؤلاء العشاق. فمن خصائص الإله الصوفي أنه يتجلى في صورة رجل عاشق، وفي صورة امرأة عاشقة، وأنه حين يعشق فإنما يعشق نفسه، فهو العاشق والمعشوق والعشق .. وبهذا لقبوه – أي ابن الفارض – بسلطان العاشقين) (9).
وللصوفيين غير ذلك من سخيف الأقوال ما يستنطق الأفواه بذمهم .
تلك كانت بعض كفرياتهم وأباطيلهم التي ادعوا فيها الألوهية واجترءوا بها على الله جل جلاله. كما لم يفتهم الاجتراء على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والافتراء عليه. 
يقول ابن عجيبة في شرحه لحكم ابن عطاء الله السكندري، يقول : (وأما واضع هذا العلم – أي التصوف – فهو النبي صلى الله عليه وسلم، علّمه الله له بالوحي والإلهام، فنزل جبريل أولاً بالشريعة، فلما تقررت نزل ثانياً بالحقيقة، فخص بها بعضاً دون بعض) ،
وهذا اتهام صريح للرسول صلى الله عليه وسلم بأنه لم يبلغ بعض ما أٌنزل إليه، وبأنه هوى مع الهوى فخص به بعضاً"(10) وما أفدح بهتانهم أن التصوف مما أوحى به للنبي . كذلك اجترءوا على القرآن الكريم، فيقول التلمساني أحد أقطاب الصوفية : (القرآن كله شرك، والتوحيد في كلامنا) (11)- أي في كلام الصوفيين .
ومن يتأمل أقوال المتصوفين يرى أنهم مرضى نفسيون وعقليون. قال أبو يزيد البسطامى، وهو من أقطابهم،: وما النار؟ والله لئن رأيتها لأطفئنها بطرف مرقعتي. ويقول في موضع آخر : سبحاني سبحاني، أنا ربي الأعلى. وسٌئل عن اللوح المحفوظ، فقال: أنا اللوح المحفوظ. ويقول : (إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدونِ) (12) . 
انتبه لما يلي:
(وقال الشبلى: إن لله عباداً لو بزقوا على جهنم لأطفأوها)(13)
و اسمعوا هذه و لنسأل الصوفية هل بلغوا مرتبة الكمال
وليس أدل على أنهم كفرة عٌتَهَاء من قولهم : (إن رتبة الكمال لا تحصل إلا لمن رأى أهله – زوجته – مع أجنبي – أي يضاجعها – فلم يقشعر جلده، فإن اقشعر جلده فهو ملتفت إلى حظ نفسه ولم يكمل إيمانه بعد) (14) 


حقيقة التصوف

إن التصوف خلط من بقايا الديانات القديمة، واندماج نفايات الوثنيات الغابرة، والفلسفات القديمة وعلى رأسها مذهب الغنوصية، وهى كلمة يونانية معناها " المعرفة "، ويُقصد بها التوصل إلى المعارف لا بالدرس والتعلم وإنما بما يُلقى في الروع والقلب وحيا وكشفاً وليس عن طريق الاستدلال والبرهان العقلي.
وفضل المعرفة وكشف الحقائق وحياً، ادَّعاه كل السحرة والكهان على مر الأزمان، وأسبغوا على أنفسهم قدرات وهمية سوَّغت لهم الهيمنة على القبيلة والعوام، وجنْوا من وراء ذلك الهبات والنذور والأموال الطائلة، فغاية الغايات هي الارتزاق باسم الدين، "
وقد أثَّرت الغنوصية في اليهودية وسيطرت على فيلسوفها الكبير "فيلون"، وقد عرف المسلمون الغنوصية اليهودية، ونرى كثيراً من أفكار فيلون منبثة في كتب كبار الصوفية الإسلاميين. ومحيى الدين بن عربي – الشيخ الأكبر – إنما هو صورة أخرى من " فيلون ") (15).
وابن عربي هذا هو كبيرهم الذي علمهم الإفك، فادعى زورا وبهتانا أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه في منامه، ودله على كتاب " فصوص الحكم "، وهو كتابهم المملوء بالكذب والشرك، وأمره بتبليغه للناس. وكأن الله تعالى قد توفّى رسوله الكريم قبل أن يستكمل إبلاغ رسالة الإسلام، وهو القائل : (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام ديناً).

وعرف المسلمون أيضا فرقة غنوصية تعيش فى العالم الإسلامي وتزاول طقوسها وهى فرقة الشيليين، ومؤسس هذه الفرقة هو شيلى من طائفة المغتسلة، ويرى المسلمون أنه كان يميل إلى مذهب اليهودية ويأخذ به. وما غلاة الإسماعيلية والقرامطة والباطنية قديما إلا صورة مستورة من الغنوصية التى تٌعرف في عصرنا الراهن بالبابية والبهائية .

وكلما زاد تباين التصورات المختلفة للعالم، كلما استترت الحقيقة وراء الرؤى الضبابية والغموض بفعل اللاعقلانية والمذهبية، فتنتشر الخرافات وتسيطر على العقل البشرى . وذلك هو عين ما حدث بفعل ظاهرة التصوف، وما حوت من خرافات وأضاليل باعدت بين الناس ودينهم الحنيف، وانتهت بهم إلى البوار بعد أن مسختهم إلى مجرد أشياء ودراويش ومجاذيب .

وتتشابه الصوفية مع مذهب الكلبيين الذين يقولون باحتقار العلم والمعرفة والأخلاق، وقد زاد أنصار هذا المذهب نتيجة للقلق والفوضى والحروب والمجاعات التى أرهقت الناس. ومن الشرق الهيلينستى انتقل هذا المذهب إلى روما وإيطاليا كرد فعل للحروب الكثيرة التى خاضتها الجمهورية الرومانية، وزاد اتباع هذا المذهب منذ عهد الأسرة اليوليوكلاودية كرد فعل لتسلطها وجبروتها، وكانوا يتجولون في ثياب رثة مطلقين لحاهم وشعورهم ويسيرون حفاة يتسولون، وانضم إليهم المنجمون والسحرة والمشعوذون، وأصدر الإمبراطور فسباسيانوس سنة 71 م أمراً بطردهم من البلاد، الأمر الذى لم يجرؤ عليه خليفة مسلم مع المتصوفين .

يقول هـ.ج.ويلز : "كان الزهاد موجودين في بلاد الشرق قبل عهد بوذا بزمن مديد، وانصرم القرنان الأول والثاني الميلاديان والعالم كله غارق أو يكاد في نزوعه إلى التبرؤ من الحياة، ممعن في نشدانه العام " للخلاص " من محن الزمان. فقد ولَّى من الدنيا الشعور القديم باستقرار النظام، وولت معه الثقة القديمة في القسيس والمعبد والقانون والعرف. وفى هذا المناخ الذي يسوده الرق والخوف والقلق والتهافت على إشباع الملذات، كان ينتشر في الناس هذا الوباء، وباء الاشمئزاز الذاتي وعدم الاطمئنان العقلي . وكان يتفشى فيهم هذا الالتماس الأليم للسلام وإن نالوه مقابل التخلي عن الدنيا) (16).
تلك إذن هي الظروف المولِّدة لحركات الزهد والتقشف: انعدام الشعور باستقرار النظام، سواء النظام السياسي أو الاقتصادي، وانعدام الثقة في القسيس والمعبد (أي رجل الدين والدين نفسه المرموز له بالمعبد)، والقانون والعرف، القانون الذي لا يحمى الضعيف أو يحاسب القوى، القانون الذي يطبًّق بصرامة على العامة وغير ذي الطول والضعيف والفقير، ويتهاون مع النبلاء والقوى والغنى، والعرف الذي يقر هذه التجاوزات ويظلها بمظلة القبول والموافقة. وكأنه يتحدث عن القانون والعرف والأحوال منذ أيام العباسيين وحتى عصر المماليك . تلك كانت ظاهرة الزهد والتقشف ونبذ الدنيا،
وهى الظاهرة التي شهد ميلادها عالمنا الإسلامي في القرن الثاني الهجري، وهى تختلف عن ظاهرة التصوف التي نشأت بعد ذلك وإن زعم الصوفيون أنهم امتداد للزهاد والراغبين عن الدنيا، فقد قالوا بهذا كسباً لمحبة العامة الذين كانوا يجلِّون الزهاد، وتجنباً للصدام مع رجال الدين .
ويقول الصوفيون بالحلول، أي أن الله حالٌّ في كل شئ – تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً. ومنهم من يقول بالاتحاد، أي اندماج الخالق بالمخلوق ويصيران شيئاً واحداً. كان أبو حمزة – أحد أقطابهم – حلولياً، وذلك (أنه كان إذا سمع صوتاً مثل هبوب الريح وخرير الماء وصياح الطيور، كان يصيح بقوله: لبيك، فرموه بالحلول)(17).
وكان الحلاج قد ادعى النبوة ثم الألوهية، إذ كتب كتاباً عنوانه : من الرحمن الرحيم إلى فلان، ولما سئل في ذلك أجاب: وهل الكاتب إلا الله تعالى، واليد فيه آله، وكان يسمى نفسه الحق، وأباح الحج إلى غير مكة، والإفطار في شهر رمضان، وأعفى من العبادة من زار قبور الشهداء بمقابر قريش وأقام بها عشرة أيام يقضيها في الصلاة . ولم تقف دعوة الحلاج عند التأثير على العامة، بل شملت كثيراً من رجال البلاط والكتاب وبعض كبار الهاشميين"(18). وقتل الحلاج في 309 هجرية بسبب ادعاء الألوهية .
ووحدة الوجود التي قال بها محيى الدين ابن عربي، أي نفي الثنائية بين الله والكون، إنما هي فكرة تشبه كثيراً المفهوم الذهني الهندوسي عن الكون الذي يعتبرونه مجرد وهم وسراب. وبالفعل تم المزج بين الإسلام والهندوسية في عهد جلال الدين محمد الأكبر (1556 – 1605) وهو حفيد مؤسس الأسرة الحاكمة المغولية في الهند، وقد شجع مشايخ الصوفية وخصوصاً الطريقة " الشستية " ، ولم يلبث أن أعلن عن عقيدة جديدة خاصة به سماها (دين الله)، وهى نتاج مزج بين الإسلام والديانات الأخرى، وكان عماد هذه الملة الجديدة الكثير من مبادئ الصوفية والتحلل من الإسلام الحنيف، لذا يمكن القول إن فكرة وحدة الوجود هي التي فتحت الباب أمام تدفقات الهندوسية إلى داخل الدين الإسلامي .

ولم يقل لنا أحد، مادام المتصوفون والهُبَّل والأولياء لهم هذه القدرات الهائلة وهم موصولون بالله والسماء ومطَّلعون على اللوح المحفوظ،
فأين كانوا فى مواطن مذلة المسلمين ومواقع هزائمهم – وما أكثرها – أين كان الدراويش عندما سحق التتار جيوش المسلمين فى بغداد وغيرها من المواقع؟ أين كان هؤلاء المغاوير الأطهار أصحاب الرؤى الصادقة والقلوب الخاشعة والأرواح الكاشفة. أم أنهم تقاعسوا، مع المقدرة، وهذا أدهى وأمر، ولمَّا كانت علينا دروع الدراويش والأولياء لماذا أصابنا نبل العدو في مقتل ؟
وتشكل سلوكنا وفقاً لهذه الأوهام . أنظر كيف تصدى العوام والمجاذيب لفرسان نابليون في القاهرة، نزلوا من القلعة وهم يحملون النبابيت وتقدَّمهم البله والمجاذيب ومعهم سلاحهم البتار ... قطعة قماش سموها البيرق النبوي وظنوا أنها الراية التي كان يحملها جنود جيش النبي صلى الله عليه وسلم في غزواته. فدكَّتهم مدافع الفرنسيين دكَّا دكَّا، ولم يجدهم فتيلا شيوخهم ذوو العمائم الضخمة الذين يمشون على الماء ويطيرون في الهواء، ولم يغثهم أقطابهم المدفونون في الأضرحة يطلبون منهم البركات والمغفرة .
ولا يغرنك ذيوع ظاهرة التصوف في تاريخنا، فالقول بدوام سيادة الحق وظهوره على الباطل قول غير صحيح، ولكننا نرتاح إلى التسليم به. فشواهد التاريخ، والتاريخ هو المعلم الذي يصدقنا القول، تؤكد لنا أن السيادة والفوز والظهور لا تكون دائماً للحق، وإنما له جولات، وللباطل مثلها، أو تزيد. وإذا كان الناس قد انخرطوا في سلك المتصوفين لا لشيء غير أن الغير يفعلون ذلك، فالأمر إذن هو التقليد المحض، وكان خليق بهم ألاَّ يقلدوا، فالتقليد من شيم القرود .
وكأن هناك اتفاقاً ضمنياً على قبول ظاهرة التصوف، والتسليم بأضاليلها واستبعاد مناقشتها وتمحيصها بالتجربة، "والبون شاسع بين افتراض الصواب في رأى من الآراء لأن الدليل لم يقم على خطئه وفساده مع تعريضه للمناقشة والانتقاد، وبين افتراض الصواب فيه، لا لغرض سوى صيانته من التفنيد وحمايته من الإدحاض"(19).

والتصوف ليس إسلاماً وإنما عقيدة جديدة جاءت بعد الإسلام بقرنين، والمشرِّع فيها هو الشيخ الصوفي الذي يشرِّع لأتباعه حسب ما يمليه عليه هواه وشيطانه .
ولما كان البون شاسعاً بين إفك الشيخ وشرعة الله تعالي، ولابد أن يكون البون شاسعاً، فقد لجأ شيوخهم إلى "الشطحات " وهي محاولات لتأويل إفكهم على نحو يبدو معه موافقاً للإسلام الصحيح. ومثلما يلجأون إلى التأويل، يقولون أيضاً بالتقَوُّل وهو أن ينسبوا ما يتعذر عليهم تأويله من أكاذيبهم إلى دس أعدائهم ولهم في التأويل خلط وخبط كلما أرادوا الاقتراب مما يوافق العقل، ازدادوا بعداً . وقد درجوا على انتقاد ومهاجمة معاصريهم من الصوفيين والإشادة بشيوخهم السابقين من باب التقية والنفاق وذر الرماد في العيون .


تتكون الخلية الصوفية من الشيخ والمريد أي الأستاذ والتلميذ . وعلى المريد أن يطيع شيخه في السر والعلن طاعة عمياء تصل إلى حد سلب الإرادة، ، حتى إن المريد لا يقوى على مد قدميه إلا بعد استئذان شيخه، ولا يمكنه جماع زوجته، أو تناول طعامه إلا باستئذان شيخه حتى في سره. إنه سحق للإرادة و الكرامة حتى غدا هذا التابع الرقيق مسخاً بلا حول ولا قوة كالميت في يد الغاسل وكيف يٌطلب من هذا المخلوق المسخ مدافعة الظلم أو التصدي لغاز أو طلب علم، بعد أن سلبه شيخه الإرادة. ويروْن أن المريد لابد له من شيخ، ومن لا شيخ له فالشيطان شيخه، 
وأن قلب المريد بيد شيخه يصرفه بهواه، وأن غضب الشيخ من غضب الله، وأن طاعة الأشياخ مقدمة على طاعة الله، ويتمادون في غيهم فيقولون بأن الولي أفضل من النبي، وأن العارف يسمع كلام الله كما سمعه موسى عليه السلام، أي مباشرة وليس وحياً، الأمر الذى لم يحصل لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .

والولى عندهم يعلم الشريعة والحقيقة، ولكن النبي والرسول لا يعلمان سوى الشريعة أو الظاهر فحسب، وما مصدر هذه الحقيقة في نظرهم ؟ ليس العقل، وإنما الذوق من " التذوق "، لذا فهم يقولون من ذاق عرف. 
أمّا العقل فيكفرون به ويرونه حجابا يستر الحقيقة، فمنابذة العقل والشرع هي الدعامة الأساسية للصوفية. 
وتدين العوام، بل والخواص، بالطاعة العمياء للشيخ وبتقديس الولي الصوفي وتأليهه، فيلتمسون منه البركات والشفاء والمغفرة حتى ولو كان معتوها مجذوبا يسير عاريا في الشوارع أو جثة قد أرمت تحت قبة ضريح . وكان الإيمان بالشيوخ شائعاً في زمن المماليك، حتى إنه إذا أقسم أحد على أحد بشيخه – لا بالله – كان حقا عليه أن يبره .
عندما قام طومان باى سلطان مصر بمبارزة القائد المملوكي الخائن قانبردى الغزالى الذي حارب في صف العثمانيين، دارت الدائرة عليه ووقع من فوق حصانه، وهمَّ السلطان بقتله، إلا أنه استعطفه وأقسم عليه قائلاً : إني سألتك بالله تعالى، وتوسلت إليك برسول الله وبسر شيخك سيدي أبى السعود الجارحى أن تجعلني عتيقك في هذا اليوم "(20). فعفا عنه السلطان من فوره وبلا تردد، إذ أقسم عليه بعزيز، شيخه أبى السعود الجارحى .
وموطن الخطر هو اللبس الذى ترسخ فى عقول المسلمين فلم يتبينوا حقيقة الصوفية وظنوا أنها الدين. وفاقم الأمر إعراض وتراخى رجال الدين عن خوض معركة هم رجالها لإظهار الحق لجهال العامة الذين يتحلقون حول كل زاعق ، ويؤمنون بكل فرية . ويسترهب الصوفيون الناس لصرفهم عن مناجذتهم وفضح أضاليلهم، فيشيعون أن من يميل عنهم، أو يميل عليهم، فإنه يصاب في نفسه أو ماله، لذا يرى ضعاف الإيمان والدهماء أن التسليم بما جاءوا به أسلم، وينصرفون عنهم إيثاراً للسلامة .

ويرى الشعراني (أن من أشرك بشيخه شيخاً آخر وقع في الشرك بالله)(21). 
ويقول ابن عطاء الله السكندري : (من أخذ الطريق على غير شيخه، كان على غير دين)(22)، تلك هي بعض مفتريات الصوفيين ومسامير نعوشهم، وخليق بنا، إذ فهمنا إفكهم، أن نكون المطارق التي تدق رءوس تلك المسامير، فلعمري إن دحض أباطيلهم لمن أرجى الأعمال .

ويعمد أولو الأمر إلى التهرب من مواجهة ضلال الصوفيين خشية تأليب العامة الذين يدينون في الواقع، لا بالإسلام الذي يكلفهم مشقة الطاعات، وإنما بالصوفية التي تبيح لهم كل المحظورات وتعفيهم من التكاليف العبادية، وتجتذب الجهلة إذ سيصبحون علماء دون تعليم أو بذل جهد في الدرس والتعلم. ولم يجرؤ أحد على التصدي حتى لمجاذيب الصوفية الذين حظوا بإجلال سلاطين المماليك، فكان السلطان الغوري يعتقد في الصوفيين حتى أنه قبّل يد ابن عنان وهو صوفي مجذوب، وذلك على مرأى من الناس، ثم لقَّب نفسه بأبي الفقراء والمساكين حباً في الصوفيين وتقربا منهم. وزار السلطان الأشرف قايتباى مقامي إبراهيم الدسوقى، والسيد البدوي، كما عيّن السلطان الظاهر بيبرس، إبراهيم الدسوقى شيخاً للإسلام، وبنى له زاوية في دسوق .

(في سنة 1714م تسامع الناس بواعظ رومي في مسجد السلطان المؤيد بالقاهرة، ومن جملة وعظه أن كرامات الأولياء تنقطع بالموت وما يذكر لهم من كرامات بعد موتهم باطل، وما نقله الشعراني في كتاب الطبقات الكبرى بأن الأولياء لهم اطلاع على اللوح المحفوظ فباطل لا أصل له، ومن يقول بذلك كافر. وحض الواعظ المسلمين على هدم القباب المبنية على قبور الموتى والتكايا وأضرحة الأولياء . 
وحًّرض على منع الأولياء الفقراء الذين يذكرون الجلالة في رمضان عند باب زويلة بعد العشاء، أي حلقات الذكر التي يعملها المتصوفون .
ولما سمعت العامة هذا القول خرجت بالنبابيت والسيوف على حلقات ذكر المتصوفين . وتوجه بعض الناس إلى الشيوخ المالكية والحنفية والشافعية، فأنكروا كلام الواعظ وقالوا إنه (معتزلي)، وأفتوا ببطلان فتاوى ومحاضرات الواعظ ووصل الأمر إلى ولاة الأمر فخشوا الفتنة والثورة، فطاردوا الواعظ وأتباعه بعساكرهم حتى انتهى الأمر) (23).
كان ذلك مبلغ إيمان "فقهاء" المسلمين وانقلاب الحق عندهم باطلاً. "ولم يحظ واعظنا الرومي المسكين بما حظي به الراهب الفرانسسكاني أنطوان فريه الذي منعه حاكم باريس من الوعظ لأنه ندد بشدة بسوء الحكم، إذ انبرت بعض النساء لحراسته ليلاً ونهاراً في دير (كورديلبيه) وقد تسلحن بالأحجار والهراوات لحمايته" (24).

يقول جولد تسيهر (إن تقديس الأولياء في الإسلام، هيأ المجال للعقائد الشعبية لكي تؤثر على الشعائر الإسلامية، ففشت فيها العناصر الهندية، وتفاقم أثرها شيئاً فشيئاً حتى أنتجت ظواهر دينية فريدة تسترعى النظر، فتحولت الآلهة الهندية القديمة إلى مجموعة من الأولياء) (25) .

(ومن عالم الصوفية ولدت فى هذا العصر فرقتان من فرق الضلال هما فرقتا القاديانية والبهائية. وادعى مؤسس القاديانية الذى ظهر فى الهند فى أواخر النصف الأول من القرن التاسع عشر الميلادي أنه رسول مجدد للدعوة إلى الإسلام، ثم انتقل إلى ادعاء أنه المسيح، وأن روح الله حلت به، وأخيراً، ادعى أنه هو الله نفسه)(26)، تعالى الله عما يصفون .

ولما كانت الرؤى والأضاليل التى تنشرها الصوفية تهدف إلى تبلد الإدراك وتفريغ الدين من مضمونه وإبطال العقل، فقد رعى المستبدون المتصوفين ولا سيما فى العصرين المملوكي والعثماني حيث اشتدت وطأة الفساد ومست الحاجة إليهم – المتصوفين – للتخفيف من الضغوط المطالبة بالتغيير الاجتماعي والسياسي. وبنوا الخانقاوات لإيواء المتصوفين للعبادة، وكان أول ظهورها فى إيران، وليس من قبيل الصدفة انتشار هذه الخانقاوات بعد القرن الرابع الهجري بالذات وهو قرن بداية إغلاق باب الاجتهاد واضمحلال الأنشطة العقلية وإصابة العقل بالانكماش والتجمد. "وارتبطت وظيفة بعض الخانقاوات في عصر المماليك ببعض المظاهر الدينية نحو إقامة خطبة الجمعة، ولذا أطلق عليها الجامع الخانقاه تمييزاً لها عن المسجد الجامع الذي اقتصرت وظيفته على إقامة الصلاة. وفى عهد المماليك البحرية كان لبعض الخانقاوات غرض مزدوج يجمع ما بين الطابع الديني والتعليمي. وقد أٌطلق على هذا الضرب من الخانقاوات اسم المدرسة الخانقاه تمييزاً لها عن الخانقاه الموقوفة على الغرض التعليمي فحسب) (27). 
ولاحظ إسناد مهمة مخاطبة عقول العامة إلى أهل الخانقاوات من المتصوفة والدراويش ممن تكفلهم السلطة وتنفق عليهم، ثم لاحظ الوظيفة التعليمية المسندة إليهم، وعدم الاكتفاء بالدور الإعلامي. وتذكر أن رجال الدين ووعاظ المساجد الآن موظفون حكوميون لا يقدرون على مخالفة السلطة وإَّلا فقدوا وظائفهم .


ويصف ابن الجوزى أحوال المتصوفة في التكايا والخانقاوات فيقول : "وكان جمهور المتصوفة يستريحون فى الأربطة من كد المعاش متشاغلين بالأكل والشرب والغناء والرقص، يطلبون الدنيا من كل ظالم، وأكثر أربطتهم قد بناها الظلمة ووقفوا عليها الأموال الخبيثة . ومال متأخروهم إلى الدنيا وجمع المال من أي وجه كان إيثاراً للراحة وحب الشهوات. فمنهم من يقدر على الكسب ولا يعمل، ويجلس في الرباط أو المسجد ويعتمد على صدقات الناس"(28). 
وربما كان ذلك امتثالاً منهم لقول الشعراني في معاداة العمل والتوكل، إذ يقول : "لا يبلغ الرجل إلى منازل الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة، وأولاده كأنهم أيتام، ويأوى إلى منازل الكلاب" (29). 

واعتاد الصوفيون جمع المال من الموسرين والأغنياء للاحتفال بموالدهم حتى ضاق بهم الناس ذرعاً وقالوا: "لقد سئمت نفوسنا من كثرة سؤال هؤلاء المشايخ الذين يعملون الموالد، فلم يتركوا عندنا عسلاً ولا أرزاً ولا عدساً ولا بسلة، إيش قام على هؤلاء أن يشحذوا ويعملوا لهم موالد" (30) . 
وكان النساء والرجال والصبيان يجتمعون في الموالد مرتكبين مختلف المنكرات . وهذه الموالد فرص للمنافع التجارية والبيع والشراء، لذا حرص اتباع السيد البدوي على الاحتفال بثلاثة موالد له : 
المولد الكبير، والصغير، والرجبي، 


وفي المولد الأخير يتم تجديد العمامة، لذا يعرف بمولد لف العمامة !! . وتٌحدد مواعيد هذه الموالد بالشهور القبطية ! إذ يتحدد بها مواسم الحصاد وجنى المحاصيل فيذهب الفلاحون البسطاء ومعهم نقودهم بعد بيع غلة الأرض، أي أن الهدف ليس دينياً. (وأصبح التصوف في نهاية العصر المملوكي أداة لكسب العيش" (31) . 

ولما كانت ثورات الأمم تبدأ بالعقول وليس البطون كما يرى الكثيرون- فقد يجوع الناس ويسلبهم المماليك أقواتهم، ومع ذلك لا يثورون. ولكن إذا استناروا – أي الناس استردوا عقولهم التى يعرفون بها أنهم ليسوا من دواب السلطان، عندئذ يهبون ثائرين لكرامتهم وإنسانيتهم. لذا يحاذر المستبد من استنارة العقول، ويعمل جاهدا للحيلولة دون استرداد الناس لعقولهم. وجهوده المبذولة في هذا المسعى تفوق كثيراً جهوده المبذولة فى توقى ثورتهم من باب الجوع والفاقة. لذا يرى المستبد انتشار الصوفية خير معين له على تغييب عقول الناس التى يفسدها الجهل وتزييف الدين وقهر المستبد وأضاليل المتصوفة .

ووقف المتصوفة في الجهة المقابلة للعقل، وحاولوا خوض معركة المعرفة بسلاح القلب وحده، فضلٌّوا وأضلوا. وموطن الخطر في ظاهرة التصوف يتمثل فى استمرار فعاليتها وتأثيرها في المجتمع المسلم حتى الآن، إذ مازالت تؤثر في الطبقات الشعبية وجموع الأميين وهم كثر، كما تؤثر في قطاع لا يُستهان به من أشباه المتعلمين الذين يتحلقون فى حلقات الذكر، ويتمسحون فى الأضرحة، ويطلبون قضاء حوائجهم وشفاء مرضاهم، لا من الله تعالى، وإنما من قبور شيوخهم ومريديهم الذين ينسبون إليهم الكرامات والخوارق، ويختزن أتباع الصوفية المعاصرين في ضمائرهم كل أوزار التصوف، وعلى رأسها معاداة العقل ونبذ طلب العلم، والإيمان بالشيوخ والمريدين والأولياء، وطلب الشفاعة والبركة من الأضرحة والقبور .


ويعادى الصوفيون العلم إذ اعتبروه علم الظاهر، وادعوا اختصاصهم بالعلم الحقيقي العلم الديني 
الذي يأتيهم وحياً وكشفاً من الله مباشرة دون مشقة درس أو تعليم،

الأمر الذى أغرى العامة واجتذب الجهلة للانخراط في جموع الصوفيين إذ يٌسقط عنهم فى ما بعد – التكاليف العبادية من صلاة وصوم وزكاة وحج، ويبيح لهم الزنى واللواط، ويدخلهم فى زمرة العلماء والفقهاء وإن كانوا أميين. فالصوفية آلية من آليات إلغاء العقل والإبعاد عن الدين، وجعل الناس مسلوبي العقل والإرادة وكأنهم قطعان ماشية، الأمر الذى كان يروق للسلاطين والمماليك، ويحرصون عليه لترويض المسلمين واستئناسهم.


ولا تقتصر خطورة بدع وخرافات المتصوفة على أنها مجرد انحرافات عقلية وإنما جل ضررها في ذيوعها وانتشارها حتى نخاع المجتمع وضميره وعقله، وتأثيرها فى أسلوب المعاملات الحياتية للناس وتشكيل سلوكياتهم بعيداً عن إسلامنا الحنيف بعد أن أصبحت الصوفية عقيدة جديدة تختلف تماماً عن عقيدة الإسلام. وتحول الناس إلى مجرد قطعان غائبة عن حاضرها، يفعل بها كل مستبد ما يشاء وكأن الأمة هي العاهرة التى لا ترد يد لامس .

وساعدت الأمية والجهل بالدين وانعدام التعليم - تقريباً- بين الطبقات الشعبية التى تمثل السواد الأعظم من الأمة، ساعدت على ترسيخ أفكار الصوفية فى سلوكياتنا، فلم يفكر الناس خارج نطاق الدروشة والتسابيح وحلقات الذكر وأضرحة الأولياء وكرامات الشيوخ، بدءاً من الإعفاء من تكاليف الدين، وانتهاءً بإحياء الموتى، وانصرفوا عن الاهتمام بقضايا العقل والحرية والمساواة والعدالة والشورى ومناهضة الفقر والمرض والقهر .

تقول فرقة "الحبية"، من فرق الجبرية، من شرب كأس محبة الله عز وجل سقطت عنه الأركان والقيام بها.
وتقول فرقة " الفكرية "، من الجبرية أيضاً، إن من ازداد علماً سقط عنه بقدر ذلك من العبادة" (32).

وتم توارث هذه الأضاليل والأكاذيب بين العامة سنين عديدة حتى أصبحت تراثاً شعبياً، ثم تراثاً دينياً، ثم أصبحت هي الدين نفسه الذي يُكَفَّر من يعارضه أو ينتقده. ولعمري إن هذه الموروثات وأشباهها لتمثل رمد عين التدين الصحيح والتي آن لنا أن نلتمس لها الطب والمداواة .

ذلك بعض الغث من التراث الذي يجب تمحيصه ورفضه، بعد أن خلعنا عليه قداسات مزيفة، وآن الأوان لانتهاك حرمة هذا الميراث المزيف المضلِّل الذي أصبح ديناً جديداً وعقيدة باطلة تختلف جذرياً عن إسلامنا الحنيف .

وفي العصر الذي تتحقق فيه الرفعة والمنعة بالعلم والتكنولوجيا والبحث العلمي والتعليم، يرى المتصوفة، وهم مؤثرون بأفكارهم فى قطاعات عريضة من المسلمين، يرون أن تحصيل العلوم يكون بانقطاع المرء عن الدنيا تماماً، والاختلاء بالنفس في مكان قصي: زاوية أو خانقاه، ثم يؤدى فروض الصلاة فقط، ويصرف همه دون ذلك حتى أنه لا يقرأ القرآن، ويعطل عقله حتى عن التأمل والتفكر، وعليه فقط ترديد لفظ الجلالة : الله .. الله .. الله - على طريقة دراويش حلقات الذكر، وبعد ذلك تنفك له فجأة مغاليق المعارف والعلوم.

أليس ذلك مما لا نزال نراه فى حلقات الذكر والموالد ؟ وذلك في عصر الكمبيوتر والإنترنت وغزو الفضاء.
ففي كتابه إحياء علوم الدين، يرى أبو حامد الغزالى أن تحصيل العلوم يكون " بأن يقطع الإنسان همه عن الأهل والمال والولد والعلم، ويخلو بنفسه في زاوية، ويقتصر على الفرائض والرواتب، ولا يقرن همه بقراءة القرآن، ولا بالتأمل في نفسه، ولا يكتب حديثاً ولا غيره، ولا يزال يقول: الله .. الله .. الله، إلى أن ينتهي إلي حال يترك تحريك اللسان ثم يمحى عن القلب صورة اللفظ"(33) .

وكيف تكون رياضة النفس حسبما يرى المتصوفة، تكون بالخلوة في مكان مظلم، وإن تعذر الظلام والوحشة، يخفى المرء رأسه في ثيابه وينتظر حتى يسمع نداء الحق ويشهد حضرة الربوبية !!، (قال أبو حامد الغزالى في كتابه الإحياء: ومقصود رياضة النفس هو تفريغ القلب وليس ذلك إلا بخلوة في مكان مظلم، فإن لم يكن مظلم فيلقى المرء رأسه في جبته أو يتدثر بكساء أو إزار. ففي مثل هذه الحالة يسمع نداء الحق ويشاهد جلال حضرة الربوبية.

وانظر إلى هذه الترتيبات والعجب كيف تصدر من فقيه عالم، ومن أين له أن الذي يسمعه نداء الحق وأن الذي يشاهده جلال الربوبية، وما يؤمنه أن يكون ما يجده من الوساوس والخيالات الفاسدة" (34) .

وفى حين أن العقل هو حجة الله تعالى على خلقه، يذكر الغزالى في كتابه الإحياء حديثاً موضوعاً مؤداه أن (أكثر أهل الجنة من البٌله)،
أي أن إغفال العقل هو الطريق إلى الجنة،


وأن السلامة والهدى في البلاهة، والصلاح في احتجاب العقل. وتأثرت العوام، في ظل الأمية والجهل، بالغلاة والجهلة مما جعل الانحرافات العقلية والدينية والسياسية هي المعتقدات الفاعلة في زمانهم والآن وكل آن. فغالب العامة جهلة، ترى منهم من يترك الفريضة ويزيد في النافلة. ولما كان تقدم المجتمع رهنا بما تقدمه الطبقة المتوسطة من كوادر متعلمة ومواهب إبداعية، فقد عجزت هذه الطبقة، طبقة عموم الناس، عن تقديم وإفراز مثل هذه الكوادر بعد أن غابت العقول قرون وقرون في ظلام وجهالة كان غثاء التراث يعمل عمله خلالها، فتم تسفيه العقل، وتشويه الدين، واعتناق ملة الصوفية، وطمس قيم العمل والعلم والتعلم. فبينما كان الغزالى ينصح الناس بتغطية رءوسهم في الجبة طلباً للحقيقة كان الفرنجة "الكفرة" يلتمسونها في المختبرات، وفى حين طلب من الناس الجلوس في خلوة في مكان مظلم انتظاراً للوحي كان الآخرون في أوروبا ينشئون الجامعات الحديثة ويدرسون العلوم العقلية التي يحتقرها الصوفية، وانتهى الأمر بنا وبهم إلي ما نحن عليه الآن : أسياد وعبيد ولكن في شكل جديد .

" وأبو حامد الغزالى هو الذى دخل بالتصوف عصراً جديداً حين أسبغ عليه الشرعية الإسلامية، وقرب بينه وبين مذهب أهل الفقه، وهى خطوة جبارة لم يكن لها أن تتم إلا بشخصية الغزالي الذى تمتع في عصره بزعامة الفقهاء والمتكلمين مع تقدير الحكام والعوام . بيد أن ذلك كله لم يعصمه من ثورة الفقهاء عليه مع أنهم كانوا دونه علماً وشهرة، وأفتوا بتكفيره وأحرقوا كتابه " إحياء علوم الدين" فى مواضع شتي في البلاد الإسلامية"(35) .

(وبدأ موقف الغزالى من إنكاره للعقل طريقاً إلى المعرفة في حملته الضارية على الفلسفة، مقرراً أنه لا يقصد هدم مذاهبها وإظهار ما فيها من عجز وتناقض وتلبيس، وإنما يقصد بحملته إلى إثبات إفلاس العقل ليمهد نفوس الناس إلى الاتصال بالدين والترحيب بالتصوف، أي الرجوع إلى القلب الذى يدرك الحقائق الإلهية بالذوق والكشف بعد تصفية النفس بالعبادات والرياضات الصوفية، ويقرر بعد ذلك أن التصوف يلي الوحي الإلهي طريقاً إلى اكتشاف الحقيقة وأنه يفوق العقل الذي يتمسك به الفلاسفة مع قصوره عن إدراكهم"(36) .

ويقول وليب هير: (إن التجربة الشخصية للغزالى هي التي دعته إلى الاعتقاد بأن المذهب الصوفي فى الدين الإسلامي هو الوسيلة المجدية لمعرفة الحقيقة الإلهية رغم أن ذلك لم يمكن المؤمن من معرفة أي شئ عن الله أو الحقيقة الإلهية يزيد على ما هو متواجد بالفعل في القرآن الكريم، وهو بذلك حاول أن يضع التجربة الصوفية في داخل نطاق الشريعة الإسلامية" (37).

وماذا قدم التصوف للإسلام، ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

وهل اكتمل إسلام الصحابة والتابعين دون اعتناق التصوف؟
وهل تم دين السابقين دون كتب ابن عربي وكفريات أبى يزيد البسطامى وابن الفارض؟ .

وإذا حذفنا من كتب الصوفيين الخرافات والأباطيل التى يتنصل معاصروهم منها، لن يتبقى من كتبهم شئ، فكلها إفك وكفريات
ما سئلوا عنها في أي عصر إلا قالوا إنها أكاذيب دسها عليهم آخرون
.
إذن

لماذا يقدسون هذه الكتب ويعيدون طباعتها كاملة غير منقوصة بما فى ذلك ما ادعوا أنها أكاذيب مدسوسة عليهم؟
وادعاء الدس ليس جديداً على الصوفية، فكثيراً ما يلجأون إليه لإغلاق باب المناقشة حول أي موضوع يرون أن الحق قد جانبهم فيه .
وألَّف أبو حامد الغزالي كتاباً أسماه (المضنون به على غير أهله)، زعم فيه أن هناك أسراراً إسلامية جُعلت للخاصة دون العامة، وهذه الشرائع والأسرار مضنون بها على أمة الإسلام كافة، سوى الصوفيين، فهو يرى أن في الدين طبقية وتفاضل أقوام على أقوام، الأمر الذي أغرى الصوفيين بزعم اختصاصهم بالتوصل إلى حقائق أخرى، والحصول على العلم اللدنى بالكشف والإلقاء في الروع ووحياً مباشرة من الله تعالى .

ولم يقل لنا الصوفيون ما هو هذا العلم اللدنى الذي حصلوا عليه بالكشف، وما هي الحقائق التي توصلوا إليها دون باقي خلق الله، ولماذا لم يسجلوا في كتبهم هذه الحقائق التي اختصهم بها الله مثلما سجلوا في كتبهم الأكاذيب والأضاليل؟
وإذا كان ما أتاهم الشيطان من كفريات ظنوا أنها من الدين تتمة للملة والعقيدة، فكيف يستقيم ذلك مع كلام الله تعالى الذي قال في محكم آياته: (اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي، ورضيت لكم الإسلام دينا)،
هكذا في وضوح وحسم،
فالدين قد اكتمل دون خزعبلات الصوفية وبدعهم، والدين بهذه الصورة هو مارضيه الله تعالى لعباده من دين، هكذا دون زيادة أو نقصان، وما زعموه إضافة إلى الدين إنما هو محض اختلاق وضلال، إذ لا يضاف إليه إلا باطل، فليس بعد الحق إلا الباطل، وليس بعد الهدى إلا الضلال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تركتكم على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك).

ويقول الإمام مالك: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمداً صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، لأن الله يقول : اليوم أكملت لكم دينكم، وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا). .

في محاولة لتبرئة ساحة الصوفيين ونفي مغايرة ظاهرهم لباطنهم، يجادلك من يقول محذراً بأن لا تنخدع بأعمال الناس وحدها فتحكم عليهم بمقتضى ظاهر عملهم؟ فالنيات لا يعلمها إلا الله، هكذا يداورون .

نعم النيات يعلمها الله تعالى. ولكن لا يمكن تجاهل أن اقتراف الذنب يدين مرتكبه، وأن المذنب يستحق الإدانة مهما قيل إن النيات هي المحك. أىُّ نيات تلك وقد سبق من المذنب الفعل والإثم ؟

ولا يمكن إغفال أن الصوفي مزيف الدين مذنب يلعنه الله ويتوعده بالعذاب مهما قيل إن الأمر ليس لك فنية الصوفي لا يعلمها إلا الله، هذا سخف.

صحيح أن النيات هي المحك إن لم يكن هنالك فعل وسلوك يدل ويشهد، فإن أتى المرء ما يؤاخذ عليه، وجبت إدانته ولا يصح القول بغير ذلك إذ إن النية والسريرة لا يعلمها سوى الله .

والإيمان صنو العمل، فالعمل – أي السلوك – هو الذي يكشف درجة ما عليه المرء من الإيمان، وذكر في القرآن الكريم الإيمان مقترناً بالعمل في 62 موضعاً. لذا لا يصح على أي نحو من الأنحاء أن نفصم بين سلوك الإنسان وإيمانه فالعلاقة بينهما عضوية .

أي لا يجوز أن نصف بالإسلام المتصوفة الذين لا يصلون ولا يصومون وانفلتوا من تكاليف الدين بدعوى أنهم متصلون بالله والسماء، أو أنهم اتحدوا في الذات الإلهية، فهذا فحش عقلي ومحض هراء وكفر، فتلك التكاليف لم تُرفع عن النبي الكريم ذاته .

تقول فرقة التاركية، من فرق المرجئة، (ليس لله عز وجل على خلقه فريضة سوى الإيمان به، فمن آمن به وعرفه، فليفعل ما شاء، وتقول فرقة الراجية، وهى أيضاً من فرق المرجئة: (لا نسمى الطائع طائعاًُ ولا العاصي عاصياً لأنا لا ندرى ماله عند الله" (38) .

يقول جولد تسيهر: "والأذكار الصوفية لاتزال حتى اليوم هي الهيكل الأساسي في بناء الصوفية، ويرفعون من شأنها إلى أن تصل إلي مرتبة الفرائض الحتمية التي قد تتضاءل دونها الفرائض. وتصبح الفرائض بالنسبة لها واجباً ثانوياً سيان أداؤه أو إغفاله" (39).

و هناك فائض كبير ومخزون رائع من القداسات ومشاعر التقديس حتى أننا نضفيها على أي شئ وكل شئ، وإن كانت الحيوانات التى قدسها أصحاب الحضارات السابقة، فقد قدسوا البقر والقطط والكلاب بل حتى الخنافس، وذلك انطلاقاً من تقديس وتأليهالحاكم نفسه.

وتعدى ذلك فى زماننا إلى تقديس الهُبَّل والمجاذيب ظناً أنهم من أولياء الله ومستجابو الدعوة.

ويبدو أن سرعة وسهولة المبادرة بإضفاء القدسية على الآخر، إنما هي آلية من آليات مدافعة سوء ظن الآخر بنا، واتقاء شره، وإبداء المسالمة. تلك النفسية التى اعتادت المهادنة من "أول نظرة "والاعتراف من أول صفعة "، وذلك من باب الدفاع عن النفس العاجزة عن المواجهة، أو الدخول فى صراع من أجل انتزاع الحقوق المسلوبة، كما أنها آلية لإثبات الدونية وقبول المذلة من باب اتقاء المزيد من القهر.
وتتفاوت درجة القداسة المضفاة على الآخر الذى قد يكون شريراً قوياً ناهباً، فهي في أوضح صورها عبادة الفرعون، ثم تتدرج مع كُهانه وجباة الضرائب، وتصبح في العصور المملوكية هي الخوف من المماليك الذين كانوا فى نفس الوقت جباة الضرائب وفارضيها، وكذلك البدو أصحاب الخيل والسيف ممن شاركوا أيضاً فى نهب الفلاحين وسرقتهم. اسمع إلى تراثنا الشعبي إذ تقول أمثاله: (اللي اتلسع من الشوربة، ينفخ فى الزبادي)، فهي دعوة إلى توخى اتقاء الشر مما لا يجب أن يُتَّقى منه الشر، وإنما من باب الحيطة على ضوء تجارب سابقة ثبت منها انعدام القدرة على المواجهة.

لذا لم يكن غريباً أن يتقبل المسلم تقديس أجناس وأعراق وسلالات وجماعات أخرى كالأشراف، والبكرية، والأولياء، ومشايخ الطرق الصوفية، وموتى الأضرحة الذين يلتمس منهم المغفلون الرحمة والشفاء والتوسعة فى الرزق .

(ويرى ميكل ونتر أن الدولة العثمانية حاولت تشجيع تركيبات أو تكوينات أو عناصر محلية غير مملوكية لإحداث نوع من التوازن الداخلي مع المماليك. لهذا فهو يرى أن نقابة الأشراف صناعة عثمانية، رغم وجود الفكرة على نحو ما منذ العصر العباسي) (40) .

والناس مولعون بإضفاء القداسات على أنفسهم وأشيائهم، فمنهم من يزعم انتسابه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ويَّدعون أنهم من الأشراف ويلبسون العمائم الخضر تمييزاً لهم عن الآخرين.
ومن فاتهم الزعم بالانتساب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا بانتسابهم إلى سيدنا أبى بكر الصديق رضى الله عنه، وسموا أنفسهم البكرية، وكان نقيبهم يُسمَّى شيخ السجادة.
وانظر ما هي شواغل هؤلاء البكرية، هل هي شواغل تتعلق بالجهاد في سبيل الله والدين ؟
كلا ، بل هي (إدارة شؤون الأوقاف والإشراف على بعض المزارات المقدسة والأضرحة، والحصول على المنح الحكومية ومعاشات التقاعد والرواتب"(41)،

أي أنها مسألة منفعة وارتزاق باسم الدين. وحسبك أن تفتش عن الدينار حتى تنكشف لك بواعث الغايات.
ومسألة زعم الانتساب إلى أصول شريفة مسألة تثير الدهشة، كيف يمكن تحرى وتتبع الأنساب من القرن الحادي والعشرين إلى السادس الميلادي، حتى يمكن الجزم والاستيثاق بأن هذا "بكرى" أو هذا من سلالة النبي صلى الله عليه وسلم، في أوقات لم يكن من الميسور، بل من المستحيل، إثبات تواصل سلسلة الأنساب إلى الأصول.
فمن منا يمكنه الآن استخراج شهادة ميلاد جده أو جد جده ممن لا يبعد أكثر من أربعة أو خمسة أجيال؟. "
وكان اصطلاح شيخ السجادة ينطبق على قادة العنانية والخضرية والوفائية الذين يرجعون أنفسهم إلى عمر بن الخطاب والزبير بن العوام وعلى بن أبى طالب على التوالي – رضى الله عنهم أجمعين. وهذه المجموعات من الأشراف – شأنهم شأن المنحدرين من سلالة أبى بكر رضى الله عنه، قد حولوا أنفسهم من جماعات أسرية عائلية إلى جمعيات صوفية" (42).

واشترك شيوخ السجاجيد فى تأسيس الطرق الصوفية والحصول سنوياً على جزء من إيرادات الأضرحة والمخصصات التى تدفعها الحكومة لها. وانظر إلى اللائحة الداخلية للطرق الصوفية إذ تقول : ( يقوم شيخ الخدمة بجمع النذور مع إبلاغ الموظفين الذين لهم الحق فى الحصول على نصيب من النذور ومنح كل ذي حق حقه فى نهاية كل شهر)(43) .

ويصف علماء الحملة الفرنسية ظاهرة تقديس المصريين للأولياء في العصر المملوكي والعثماني، فيقولون: (ويقدس المسلمون عديداً من الأولياء الموتى، وهم لا يعظمونهم إلاَّ لكي ينالوا منهم الصحة لأنفسهم، أو الخصوبة لزوجاتهم العقيمات. كما يرون في أوليائهم القدرة على إبطال مفعول الحسد والسحر المؤذى" (44). وذلك في رأينا إنما هو عين الشرك المبين.

ولقد اختلطت الخرافات بالدين، وأصبحت الأباطيل والأوهام أمورا مقدسة بل اعتبرت من الدين نفسه. ولا تثريب على غير المسلمين إذا تجنبوا الإسلام إذ يروْن أضاليل الصوفية وخرافات الأولياء على أنها أمور مقدسة من صميم الإسلام. وقد انتقدوا هذه الأضاليل بعقول واعية، ورأوا فيها ما يبعث على الإشفاق والضحك. قال علماء الحملة الفرنسية، وهم شهود عيان : " لقد صور المصريون في عصورهم القديمة الإله في أشكال بالغة الغرابة، وكرس المصريون المحدثون، شأنهم في ذلك شأن القدامى، أخطاء ومعتقدات بعيدة عن العقل ربما لم يعد من الممكن اعتقادها مع هذا المدى الذي بلغة عقل الإنسان عما كان عليه في تلك الأزمان الضاربة في القدم . وفى هذا الصدد لا يقل المصريون المحدثون غرابة عن أسلافهم وإن كانوا أقل منهم عبقرية ومهارة، فهم يعبدون أشياء يمجها العقل من الأضرحة والأولياء، ويلقى البله في حياتهم الاحترام والإكبار باعتبارهم أولياء وقديسين. ويُرى هؤلاء على الدوام وهم يسيرون عراة كما ولدتهم أمهاتهم، ولكن التقديس، أو قل العمى العام يكون بالنسبة لهم بمثابة الرداء. ويُدفن هؤلاء الأشخاص بعد موتهم في احتفال كبير، وتصبح مقابرهم للناس أماكن مليئة بالمعجزات. وفي الأرياف والأحياء البعيدة عن وسط المدن يوجد الكثير من هذه الأضرحة التي تدين بوجودها لهبات المسلمين المتحمسين...، وثمة عادة خاصة بمصر لا تشاركها فيها – فيما يبدو – بقية الدول الإسلامية، تلك هي عادة إقامة الأعياد للأولياء، حيث لكل قرية وحي من مدن مصر الكبرى ولى يحتفل الشعب بيوم مولده" (45).
في حين كان القرن الرابع قبل الميلاد هو عصر بزوغ التفكير الحر المنظم، وغياب الفكر البدائي عند الإغريق، كان القرن الرابع الهجري لنا نحن المسلمين بمثابة بداية غروب حرية العقل والشروع فى اعتقاله، وانتشار الصوفية، وذيوع التمذهب، وترسيخ الاستبداد، واعتماد البطش آلية للتعامل مع الخلق.
يقول هـ.ج.ويلز: (ونجد في القرن الرابع ق.م قوما – يقصد الإغريق – ذوى تفكير عصري أو يكاد، يقصد تفكير يشابه التفكير في عصرنا الحالي. لقد ولَّت طرائق الفكر البدائي الشبيهة بطرائق الأطفال والأحلام، وحل محلها تناول مشكلات الحياة بطريقة منظمة، دون اللجوء إلى الرمزية والتخيلات السحرية البشعة الدائرة حول الآلهة البشعة والوحوش المعبودة، مثل أفكار وخرافات المتصوفة حول أقطابهم وأوليائهم المعبودين، كما تلغى جميع المحظورات والمخاوف والقيود، مثل مخاوف العامة من غضب الولي والشيخ والمهبول والمجذوب، التي ظلت تكبل حتى آنذاك تفكير الإنسان، لقد ابتدأ التفكير الحر المضبوط المنظم" (46).
أي ابتدأ عندهم – الإغريق – التفكير الحر المضبوط فى القرن الرابع قبل الميلاد، ولكن العقل المسلم لا يزال معتقلاً يرسف في أصفاده منذ ألف سنة، فهل من محرر ؟
وفى القرن السابع عشر ترسخ في أوربا الاعتقاد بأن العقل وحده هو وسيلة اكتشاف الحقائق حول طبيعة الإنسان والكون، وظهرت في القرن نفسه حركة التنور، وهى حركة أدبية فلسفية تناهض الخرافات والجهل وتدعو إلى تمحيص المعارف التقليدية والأفكار المتعارفة، وتحض على انتقاد الموروث وتمحيصه في ضوء العقل والعلم، ونبذ الخرافات والأباطيل. وفي الوقت الذي كان فيه مفكرو الغرب يكتبون الكتب التي تحدث تغييرات أساسية في العقول والنفوس، مثل كتاب (مقال في المنهج) الذي ألفه رينيه ديكارت سنة 1637 والذي يشكك في التنجيم ويوجب على الباحث التحرر من كل سلطة سوى سلطة عقله، ويطلب منه رفض الأفكار السابقة التي لم يقم عليها دليل عقلي، كان الصوفية يزعمون المشي على الماء والطيران في الهواء والتواجد في أكثر من مكان في وقت واحد. وأدت التفاسير النقدية للكتب المقدسة إلى إضعاف هيبة العقيدة الدينية الرسمية في انجلترا،
ولم يجرؤ في عالمنا الإسلامي أحد من الفقهاء على الرد على الصوفية سوى عدد قليل مثل ابن تيمية في القرن الثامن الهجري، وبرهان الدين البقاعي في القرن التاسع الهجري .

وامتدت حركة التنور على الصعيد السياسي من جون لوك (1632-1704) إلى الثورة الفرنسية (1789)، وآمن زعماء حركة التنور – بضرورة الإصلاح والأخذ بروح البحث العلمي، والتسليم بمبدأ نيوتن القائل بخضوع العالم لقوانين يمكن اكتشافها، والاعتقاد بوجوب تعميم المعرفة بحيث يتاح للناس كافة الانتفاع بنعمة العقل، ومحاربة أضاليل القدماء التي أدت إلى الخرافات وأصبحت ذريعة للاضطهاد . واستمر تأثير حركة التنور في أوروبا، التي بدأت في القرن السابع عشر، إلى القرن الثامن عشر بفعل الحركات العلمية والعقلية وترسيخ روح البحث العلمي والعقلي وبفضل الانتقاد الجذري للمؤسسات والقيم والممارسات السائدة، وتم ذلك كله بفضل الإيمان الراسخ بالعقل.

وفى ذلك الوقت، القرن الثامن عشر، كان الدراويش والصوفيون في بلاد الإسلام هم المسيطرين على ضمير وعقل الأمة، بل قُل ما تبقى من عقل الأمة . وبينما كانوا يباهون بقدرة أبى يزيد البسطامي الصوفي الشهير الذي يدَّعى استطاعته إطفاء جهنم بثوبه المرقّع، كان بولتون وواط يخترعان المحرك البخاري.

وبينما كان الفلاح المصري لا يجد ما يأكله أو يلبسه بسبب الفقر والكساد والقهر، كان ثمة 70 بنكاً في لندن سنة 1800م، 400 بنكاً ريفياً تصدر سنداتها الخاصة،وقبل ذلك تأسست البورصة سنة 1773. وبينما كانت الحكومات فى الغرب ترعى الصناعة والعلماء والجامعات والمفكرين، كان الخلفاء العثمانيون يرعون الطرق الصوفية ومن أهمها الطريقة البكطاشية والطريقة المولوية. وظهرت في بلادنا في زمن المماليك الطريقة الكيلانية والرفاعية والنقشبندية والشاذلية .... وغيرها وفى الوقت الذي اكتشف فيه نيوتن قوانين الحركة، وبدأت بعده الثورة الفكرية التي أطلق عليها (الجمهورية)، فقامت الجمهورية الفرنسية 1789، واستقل الأمريكان عن الإنجليز وأنشأوا حكومتهم القومية سنة 1783، كان الصوفيون في بلادنا مشغولين بشروح التصوف الشائع، وتكوين الطرق الصوفية، أما العلوم والسياسة والدين الصحيح فوقعت خارج دائرة اهتمامات الصوفية والسلاطين .

وعندما كان الصوفيون يفاخرون بأن ياقوت العرشي (زوج ابنة المرسى أبى العباس ) كان يرى العرش من فوق سبع سماوات إذ كان دائم الحملقة في السماء ، في هذا الوقت كان فان لو فنهوك يصقل العدسات ويصنع الميكروسكوب (المجهر)،

وعندما تفاخر أحدهم بأنه يعرف أزقة السماء !!؟ كما يعرف الناس أزقة الأرض، كان العلماء الأوروبيون جاليلو جاليلي ، وكبلر ، وبوهر يدرسون الأفلاك والأجرام السماوية بالتلسكوبات المقِّربة.

ولما تباهى إبراهيم الدسوقى بأنه يستطيع غلق أبواب جهنم بمرقعته (ثوبه البالي)، كان أعداؤنا من كل ملة وجنس يسحقوننا سحقاً .

ومازال زاعمو المشي على الماء والطيران في الهواء يعيشون بين ظهرانينا ويقيمون حلقات الذكر والسماع، ولم نسمع عن أحد منهم وقد تطوع لتهريب الأسلحة إلى أبنائنا في فلسطين عن طريق شاطئ غزة، إذ يسهل عليهم المشي فوق الماء دون أن تدركهم دوريات المراقبة الإسرائيلية، أو أن ينقلوا الجرحى الفلسطينيين من الأطفال والنساء عن طريق الطيران بهم في الهواء على طريقة الإسعاف الطائر ... لم يقل لنا أحدهم أين هم الآن بقدراتهم الهائلة التي يزعمونها زوراً وبهتانا،ً ولله الأمر من قبل ومن بعد .

(وكانت الروايات قد ذاعت بأن السيد أحمد البدوي قادر على إحضار الأسرى من بلاد الفرنجة بإشارة يسيرة منه وهو فوق السطح في طنطا، حتى ليطير الأسير من عكا، وبعد ذلك يكون في طنطا يرسف في قيوده)(47)

الأمر الذي لا يستطيعه الكوماندوز الأمريكان ولو استعانوا بطائرات الأباتشي وأسلحة الليزر. لذا يردد أتباع البدوي في تراتيلهم : الله .. الله .. يابدوى جاب اليُسرى - أي الأسرى - وعلى النقيض من شجاعة البدوي وبراعته هذه في اقتناص الأسرى من على السطوح،

كان خليفته المعروف باسم "الأبيض" وهو الشيخ محمد سالم الدمشقي، كان جباناً، إذ حاول التهرب من الخروج مع السلطان الغورى في حربه مع العثمانيين سنة 1516، لولا أن السلطان أرغمه على الخروج مع الجيش . وأخذ السلطان الغورى معه الصوفيين بطبولهم ومزاميرهم وأعلامهم، تبركاً وتيمناً بهم، إذ كان يظن أن دعاءهم مجاب ! وعندما اشتدت المعركة وحمى وطيسها قال لهم: (ادعوا لي الله بالنصر فهذا وقت دعائكم) ، وفعلا زعق الصوفيون ملء حناجرهم بالدعاء، وهُزِم السلطان الغورى هزيمة نكراء وأبيد عسكره وأصيب بالفالج، بل لم يُعثر على جثته بعد أن ضاعت تحت سنابك الخيل، إنها بركات الصوفية.

وكان خليفة إبراهيم الدسوقى بصحبة خليفة أحمد البدوي في المعركة حيث ماتا شر ميتة ، ولم يجد دعاؤهما نفعاً في مواجهة بنادق العثمانيين التي لم يكن يعرفها المصريون، وربما نسيا- أي الخليفتان المصروعان – أن يحضرا معهما في المعركة قواهما الخارقة وإمكاناتهما السحرية.

ويصف لنا هذه الواقعة شاهد عيان وهو ابن زنبل الرمال الذي قال في كتابه آخرة المماليك : "وكان مع الغورى خلفاء المشايخ، مثل خليفة سيدي أحمد البدوي، وسيدي عبد القادر الجيلانى، وسيدي إبراهيم الدسوقى وأمثالهم، فلما وقعت الكسرة، أي الهزيمة، على الغورى بقي المشايخ المذكورون بحلب فلما سمعوا بأن السلطان سليم قادم إلى حلب خافوا من سطوته، فأخذوا في الذهاب نحو دمشق. ولما رآهم على بعد مع الرايات والأعلام – من أدوات النصب التي لم تغن عنهم شيئاً – قال : ما هؤلاء ؟ قالوا له: هؤلاء خلفاء المشايخ كانوا جاءوا مع الغوري، فلما كُسر خرجوا يريدون الذهاب إلي مصر، فأمر بإحضارهم. فلما مثلوا بين يديه أمر بقطع رقابهم واحداً بعد واحد، ولم يرحم منهم كبيراً لكبره، ولا صغيراً لصغره، فقتلهم عن آخرهم، وكانوا يزيدون على ألف رجل"(48) .

ولا يوجد عاقل واحد صحيح الإيمان يصدق الكرامات المزعومة لهؤلاء الأولياء والشيوخ، لكن العامة تصدق وتعتقد اعتقاداً راسخاً فى هذه الخرافات التي تؤثر في سلوكياتهم. ولم يقل لنا أحد لماذا لا تحدث هذه الكرامات في أيامنا هذه وتتجلى أمام أعين المثقفين والمستنيرين من غير المسترهبين بأباطيل الصوفية، أم أنها كانت خاصة بالجهلة والمجاذيب في القرون الخوالي ؟

بعدما اكتشف الملاح البرتغالي فاسكو دى جاما الطريق البحري بين الشرق والغرب عن طريق رأس الرجاء الصالح، تمكن البرتغاليون في سنة 1498 من السيطرة على بحر الهند، ومنعوا العرب من الوصول إلى الهند بحراً، الأمر الذي قضى على تجارتهم، وأصاب اقتصادهم بالكساد، وعطل المد الإسلامي في هذه المناطق، بل إن البرتغاليين كانوا ينهبون قوافل الحج المتوجهة من الهند إلى مكة (ولم يتنبه أحد إلى خطورة ما وقع على الساحل الجنوبي للهند – أي السيطرة على سواحل جنوب الهند وقطع الطريق على تجارة المسلمين- فقد كان الجميع، أي المسلمون وفقهاؤهم، يطوفون في عالمهم الروحاني !! حتى يتمكنوا من الوصول إلى اجتهادات في أبحاث معقدة عن وحدة الوجود (فلسفة الصوفية)!، ولهذا ظلوا لا يدرون شيئاً عن هذه الواقعة التي حدثت لبلدهم، فقد طورت الأمم الغربية قواتها البحرية وسيطرت على سواحل البلاد وهم أمامها بلا حول أو قوة،.. وأول من شعر بأهمية القوة البحرية هو حيدر على (1722 - 1782) والد السلطان تيبو، فحاول إقامة مصنع للسفن الحربية في جزيرة (مالديف)، إلا أن الوقت كان قد ولَّى، وسبق السيف العذل، فلم يحقق أي نجاح من مشروعه"(49) .

ولم يقل لنا أحد من الصوفيين أو المدافعين عنهم أنه مادامت الحقائق تنجلي والمستور ينكشف للصوفيين دون أجهزة علمية أو معامل أو علماء وبلا دراسة أو احتياج لمدارس أو جامعات، مادام الأمر كذلك، فلماذا لم يكتشف لنا أحدهم خلال الألف سنة الماضية قوانين نيوتن للحركة والجاذبية، أو قوانين بويل للغازات، أو قوانين كبلر الفلكية، أو الكهرباء، أو أشعة إكس ... بل لم يقل لنا أحد منهم ماذا كشفوه من الحقائق التى ادعوا كشفها بالكشف والتذوق منذ ابتلى بهم العقل المسلم فى القرن الثالث الهجري وإلى الآن .

وإذ ثبت لنا أنه لم ينكشف للصوفية أىّ من قوانين الكون والطبيعة والأشياء، أي تلك القوانين التي قامت عليها المدنية الحديثة. فينبغي إذن أن تكون كشوفهم غيبية، وروحية، وميتافيزيقية. أي بان لهم من عوالم الغيب الحقائق التي تقربهم من الله والملائكة والعرش والسماوات العلى. إذن هم ارتقوا إلى عوالم لم يرق إليها أحد من الصحابة الكرام رضى الله عنهم أجمعين، بل لم يرق إليها النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، إذ لم يدَّع – حاشاه – أنه يعرف أزقة السماء كما يعرف الناس أزقة الأرض، ولم يدع رؤية عرش الله تعالى وهى أمور ادَّعاها أصاغر الصوفيين ومجاذيبهم. ومادام الأمر كذلك، وبلغت مراقيهم الأعالي، فوجب لهم ما لم يجب لنبي العالمين عليه الصلاة والسلام، إذ أعفوا أنفسهم من العبادات، الأمر الذي لم يجز للنبي نفسه إذ ظل يصلى ويصوم ويؤدى كل ما أمره به الله من عبادات حتى توفاه .

ومادامت كشوف الصوفية خاصة بالذات الإلهية، فليقل لنا أحد كيف يكون ذلك وقد أخبر الله تعالى نبيه بأن الروح، وهى من مخلوقات الله تعالى، من أمره وحده، (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى)، أي لا أحد سواه يعلم عنها شيئاً،
فما بالكم بالذات الإلهية،
وباقي الأمور الغيبية التي لم يفصح الله عنها، كوصف العرش وما شابه ذلك.

تُرى من هم أولى بقصد الحديث الشريف الذي يقول : (أنا فرطكم على الحوض، وليختلجن رجال دوني، فأقول يارب أصحابي، فيقال: إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك). تُرى أكان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يقصد بدعة التصوف والصوفية إذ قال : (أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة وإن عبداً حبشياً، فإنه من يعيش بعدى فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة).


و أخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
.................................................. .................

1- عبد الوهاب الشعراني / الطبقات الكبرى
2- المرجع السابق، د. السيد محمد أحمد عطا / إقليم 
الغربية في عصر الأيوبيين والمماليك .
3- عبد الوهاب الشعراني / لطائف المنن
4- المرجع السابق
5- طبقات الشر نوبي/ مخطوط بجامعة القاهرة – الدكتور 
أحمد صبحي منصور / العقائد الدينية .
6- الكامل لابن الأثير جـ8، الشذرات جزء 2، ص 293 ، مختصر الفرق ص 160 .
7- الكامل لابن الأثير
8- برهان الدين البقاعى/ تنبيه الغبي إلى تكفير ابن 
عربي – تحقيق د. عبد الرحمن الوكيل .
9- المرجع السابق .
10- ابن عجيبة ص5 جـ1 طبعة 1331 هـ.
11- ابن تيميه – كتاب مجموعة الرسائل والمسائل جزء 1 ص 142 .
12- ابن الجوزى – تلبيس إبليس .
13- المرجع السابق
14- المرجع السابق

20- ابن زنبل الرمال / آخرة المماليك .
21- الشعراني / قواعد الصوفية ص 131 .
22- عبد الوهاب الشعراني / لطائف المنن
23- حافظ عثمان / الإسلام والصراعات الدينية (بتصرف)
24- المرجع السابق
25- جولد تسيهر – العقيدة والشريعة فى الإسلام
26- عبد الكريم الخطيب – التصوف والمتصوفة
27- دولت عبد الله – معاهد تزكية النفوس 
28- ابن الجوزى – تلبيس إبليس
29- عبد الوهاب الشعراني / الطبقات الكبرى
30- عبد الوهاب الشعراني / لطائف المنن
31- د. سعيد عاشور/ كتاب السيد احمد البدوي

------------------------------------
32- ابن الجوزى / تلبيس إبليس
33- المرجع السابق
34- المرجع السابق
35- د. أحمد صبحي منصور – العقائد الدينية فى مصر
المملوكية بين الإسلام والتصوف .
36- د. توفيق الطويل / فى تراثنا العربي الإسلامي.
37- وليب هير / الأصولية الإسلامية فى العصر الحديث
38- ابن الجوزى / تلبيس إبليس
39- جولد تسيهر – العقيدة والشريعة فى الإسلام
40- ميكل ونتر – المجتمع المصرى تحت الحكم العثمانى
– مقدمة بقلم د. عبد الرحمن عبد الله الشيخ.
41- فريد دى يونج –تاريخ الطرق الصوفية فى مصر
فى القرن التاسع عشر .
42- المرجع السابق .
43- المرجع السابق – اللائحة الداخلية لعام 1905 –
القسم الأول – المادة 3
44- علماء الحملة الفرنسية – وصف مصر – الجزء
الأول
45- المرجع السابق
46- هـ.ج. ويلز – موجز تاريخ العالم
47- الشعراني – الطبقات الكبرى، هاملتون جب –
مختصر تاريخ العالم الاسلامي
48- ابن زنبل الرمال – آخرة المماليك
49- وحيد الدين خان – واقعنا ومستقبلنا في ضوء
الإسلام .


.................................................. .............
http://www.dd-sunnah.net/forum/showthread.php?t=42919

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق