كَشْفُ السِّتْرِ عَمَّا وَرَدَ
فيِ السَّفَرِ إِلىَ القَبْرِ
لمحدِّث المدينة النبوية
الشيخ حماد بن محمد الأنصاري
رحمه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
وبعد فقد ورد إليّ سؤال صورته:
وقع بين شخصين نزاع، هل يجوز لشخص أن ينوي السفر لمجرد زيارة قبر النبي ( دون المسجد أفتونا والله يحفظكم؟

والجواب:
إن زيارة القبور كان منهيا عنهاً في أول الإسلام لقرب الناس آنذاك من عبادة الأصنام، ثم نسخ ذلك بقوله ( : ((كنتُ نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تذكركم الآخرة ))(1).
وأبيحت الزيارة للرجال دون النساء وبقيت في حق النساء محرمة إلى يوم القيامة لحديث ابن عباس(2) رضي الله عنهما عند أبي داود والترمذي وغيرهما:
((لعن رسول الله ( زائرات القبور)) الحديث(3).
كما أن شدّ الرحل إلى قبر مخصوص محرّم لحديث أبي هريرة في الصحيحين: (( لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ...))(4) الحديث.
وفي هذا الحديث الأخير مشروعية شد الرحل إلى أحد المساجد الثلاثة: المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى.
وأما ما سوى هذه المساجد الثلاثة فقد دل هذا الحديث الصحيح على أنه لا يجوز شدّ الرحل إليه بمجرده، وذلك إذا كان يقصد الزائر مجرد زيارة قبر النبي ( دون المسجد، وأما إذا قصد المسجد ثم زار القبر الشريف فهذا مشروع لما تقدم من مشروعية زيارة القبر للرجال.
ولم يرد عن النبي ( نص صحيح في جواز شد الرحال إلى قبر مخصوص سواء كان قبره ( أو قبر غيره، فمن ثَمَّ لم ينقل عن أحد من أصحابه رضي الله عنهم، ولا عن أحد من التابعين لهم بإحسان أنه شد رحلاً لمجرد قصد زيارة قبره ( ولا لمجرد زيارة قبر غيره.
وعن عائشة رضي الله عنها مرفوعا: (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد))(5)، فالخير في اتباع السلف والشر في ابتداع الخلف.