فضل العبادة في زمن الفتن
لقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن العبادة في زمن الهَرْج لها أجر عظيم، وثواب جزيل من الله تعالى أحكم الحاكمين؛ فيجب علينا أن نستبصر بكلامه - صلى الله عليه وسلم - ونستهدي بهَدْيه - صلى الله عليه وسلم - لنكونَ من الفائزين في الدنيا، الناجين الرابحين في الآخرة. أخرج مسلمٌ وابن مَاجَهْ عن مَعْقِل بن يَسَار - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((العبادة في الهَرْج كهجرة إليَّ)). وأخرج أحمد والطبراني في الكبير عن مَعْقِل بن يَسَار - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((العمل في الهَرْج كهجرةٍ إليَّ)). وأخرج أحمد والطبراني في الكبير عن مَعْقِل بن يَسَار - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((العبادة في الفتنة كهجرة إليَّ)). ما المقصود بالهَرْج؟ قال ابن مَنْظور في "لسان العرب": "الهرج: الاختلاط؛ هرج الناس يَهْرِجون، بالكسر، هَرْجًا من الاختلاط؛ أي اختلطوا. وأصل الهَرْج: الكثرة في المشي والاتساع. والهَرْج: الفتنة في آخر الزمان، والهَرْج: شدة القتل وكثرته؛ وفي الحديث: ((بين يَدَيِ الساعة هَرْج))؛ أي: قتال واختلاط. قال الإمام النَّوَوِي في شرح مسلم (18/88): "قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((العبادة في الهَرْج كهجرة إليَّ)). المراد بالهَرْج هنا: الفتنة، واختلاط أمور الناس. وسبب كثرة فضل العبادة فيه: أن الناس يَغْفُلون عنها ويَشْتَغلون عنها، ولا يتفرَّغ لها إلا أفراد". وقال الطَّحَاوِي في "شرح مشكل الآثار" (15/250): "فوجدنا الهَرْج إذا كان شُغل أهلِه في غيره، مما هو أَوْلى بهم من عبادة ربهم - عز وجل - ولزوم الأحوال المحمودة التي يجب عليهم لزومها، فكان مَن تشاغَل في العبادة في تلك الحال متشاغلاً بما أمر بالتشاغل به، تاركًا لما قد تشاغل به غيرُه من الهَرْج المذموم، الذي قد نُهِي عن الدخول فيه والكونِ من أهله، فكان بذلك مستحقًّا للثواب الذي ذكره النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث" انتهى. وقال ابن حَجَر في فتح الباري (13/75): "قال القرطبي: إن الفتن والمشقَّة البالغة، ستقع حتى يَخِفَّ أمر الدين، ويَقِلَّ الاعتناء بأمره، ولا يَبْقَى لأحد اعتناء إلا بأمر دنياه ومعاشِه نفسِه، وما يتعلق به؛ ومن ثَمَّ عَظُم قدرُ العبادة أيام الفتنة". وفي كتاب تطريز رياض الصالحين (1/747): "قال القرطبي: المتمسك في ذلك الوقت، والمنقطع إليها، المنعزل عن الناس، أجرُه كأجر المهاجر إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لأنه ناسبه من حيث إن المهاجر فرَّ بدينه ممن يصده عنه للاعتصام بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وكذا هذا المنقطع للعبادة فرَّ من الناس بدينه إلى الاعتصام بعبادة ربه، فهو في الحقيقة قد هاجر إلى ربه، وفرَّ من جميع خلقه". وقال المُنَاوِي في فيض القدير (4/373): "قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((العبادة في الهرج))؛ أي: وقت الفتن واختلاط الأمور. ((كهجرة إلي)): في كثرة الثواب، أو يقال: المهاجر في الأول كان قليلاً؛ لعدم تمكُّن أكثر الناس من ذلك، فهكذا العابد في الهَرْج قليل. قال ابن العربي: وجْه تمثيله بالهجرة أن الزمن الأول كان الناس يفرِّون فيه من دار الكفر وأهله، إلى دار الإيمان وأهله، فإذا وقَعَت الفتن تعيَّن على المرء أن يفرَّ بدينِه من الفتنة إلى العبادة، ويَهْجُر أولئك القوم وتلك الحالة، وهو أحد أقسام الهجرة". وقال ابن الجوزي في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (2/42): "الهَرْج: القتال والاختلاط، وإذا عَمَّت الفتن اشتغلت القلوب، وإذا تعبَّد حينئذٍ متعبِّدٌ، دلَّ على قُوَّة اشتغال قلبه بالله - عز وَجل - فيَكْثُر أجره". وقال الحافظ ابن رجب: "وسبب ذلك: أن الناس في زمن الفتن يتَّبعون أهواءهم، ولا يرجعون إلى دين؛ فيكون حالهم شبيهًا بحال الجاهلية، فإذا انفرد من بينهم مَن يتمسَّك بدينِه ويعبد ربَّه، ويتَّبع مراضيه، ويجتنب مساخطه، كان بمنزلة مَن هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مؤمنًا به، متبعًا لأوامره، مجتنبًا لنواهيه" انتهى. ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99]. رابط الموضوع: http://drct.alukah.net/Sharia/0/39243/#ixzz2RfwoFWID | |
الاثنين، 3 مارس 2014
فضل العبادة في زمن الفتن
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
-
التأصيل للدراسات ** الورد الصوفي، بكسر الواو، جمعه أوراد، يطلقه الصوفية على أذكار يأمر الشيخ تلميذه بذكرها، صباحاً بعد صلاة الصب...
-
13 شبهة للقبوريين والجواب عليها عبد الله بن حميد الفلاسي الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد (1) : ...
-
نؤمن بجواز التبرّك بآثار النبي صلى الله عليه وسلّم بشروط الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من ى نبي بعده، وعلى آله وصحبه . أما بعد، قال...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق